غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ وَيَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِ وَيَكۡتُمُونَ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا} (37)

31

{ الذي يبخلون } البخل في اللغة منع الإحسان ، وفي الشرع منع الواجب . وفيه أربع لغات : البخل مثل الفقر ، والبخل بضم الباء وسكون الخاء ، وبضمهما ، وبفتحهما . وسبب النظم أن الإحسان إلى الأصناف المذكورين إنما يكون في الأغلب بالمال فذم المعرضين عن ذلك الإحسان لحب المال ، ويحتمل أن يشمل البخل بالعلم أيضاً ، أي يبخلون بذات أيديهم وبما في أيدي غيرهم مقتاً للسخاء وهذه نهاية البخل . وفي أمثالهم " أبخل من الضنين بنائل غيره " وقد عابهم بكتمان نعمة الله وما آتاهم من فضل الغنى حتى أوهموا الفقر مع الغنى ، والإعسار مع اليسار ، والعجز مع الإمكان فخالفوا سنة نبي الله صلى الله عليه وسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم : " إنّ الله تعالى يحب أن يرى على بعده أثر نعمته " وبنى عامل للرشيد قصراً حذاء قصره فنم به عنده . فقال الرجل : يا أمير المؤمنين إن الكريم يسره أن يرى أثر نعمته فأحببت أن أسرك بالنظر إلى آثار نعمتك فأعجبه كلامه . ثم إن هذا الكتمان قد يقع على وجه يوجب الكفر مثل أن يظهر الشكاية من الله تعالى ولا يرضى بقضائه فلذلك قال : { وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً } ويحتمل أن يراد كافر النعمة لا كافر الإيمان . وقال ابن عباس : إنّ الآية في اليهود ، كانوا يأتون رجالاً من الأنصار يخالطونهم وينتصحون لهم يقولون : لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر ولا تدرون ما يكون . وأيضاً إنهم كتموا صفة محمد ولم يبينوها للناس .

/خ40