فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ وَيَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِ وَيَكۡتُمُونَ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا} (37)

{ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله } جائز أن تكون { الذين } في موضع نصب على البدل من { مَن } في قوله سبحانه في الآية السابقة : { من كان مختالا } ؛ والبخل الذي قبحه الشرع : هو الامتناع من أداء ما أوجب الله تعالى ؛ ( وهؤلاء المذكورون في هذه الآية ضموا إلى ما وقعوا فيه من البخل الذي هو أشر خصال الشر ما هو أقبح منه ، وأدل على سقوط نفس فاعله ، وبلوغه في الرذالة إلى غايتها ، وهو أنهم مع بخلهم بأموالهم ، وكتمهم لما أنعم الله به عليهم { يأمرون الناس بالبخل } كأنهم يجدون في صدورهم من جود غيرهم بماله حرجا ومضاضة ، . . . وقد قيل : إن المراد بهذه الآية اليهود ، فإنهم جمعوا بين الاختيال والفخر ، والبخل بالمال وكتمان ما أنزل الله في التوراة ) ( {[1399]} ) ؛ { وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا } وهذا وعيد للجاحدين أنعم ربهم : أن الواحد القهار قد أعد لمن كفر مصيرا سيئا ، وعقابا شديدا مذلا مخزيا ، وهيأ لهم الخلود والمقام في دار الحسرة والحريق والآلام .


[1399]:ما بين العلامتين من فتح القدير، للشوكاني.