تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ وَيَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِ وَيَكۡتُمُونَ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا} (37)

الآية 37 وقوله تعالى : { الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل } الآية . تحتمل الآية أن تكون تفسيرا لما تقدم من قوله : { إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا } ووصفنا لهم إذ لا يتكلم بمثله إلا ( عما ) {[5603]} تقدمه . وتحتمل على الابتداء كقوله : { الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين } الآية ( الزخرف 79 ) .

ثم تحتمل وجوها : يحتمل قوله : { يبخلون } بما عندهم من الأموال { ويأمرون الناس بالبخل } وهكذا دأب كل بخيل ان يبخل ويأمر به غيره . ويحتمل { يبخلون } بما عندهم من العلوم والأحكام ؛ لم يعلموا غيرهم ويأمرون الناس بذلك . ويحتمل قوله : { يبخلون } بإظهار بعث{[5604]} محمد صلى الله عليه وسلم ويأمرون الناس به ألا ترى أنه قال : { ويكتمون ما آتاهم الله من فضله } ؟ أي يكتمون بعث محمد صلى الله عليه وسلم وصفته .

ويحتمل قوله : { ويكتمون ما آتاهم الله من فضله } أي يكتمون من العلوم والحكمة ويحتمل ما ذكرنا انهم يكتمون { ما آتاهم الله من فضله } من الأموال وال ينفقونها ( إذ ){[5605]} في ترك الإنفاق والتصدق{[5606]} كتمان ما أنعم الله عليهم .

وعلى ذلك روي ( عن ) {[5607]} رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه ) {[5608]} قال : " من آتاه الله نعمة فلتر عليه ( بنحوه أبو داوود 4063 ) لعله أراد بقوله : " فلتر عليه " أن ينفقها على نفسه ، ويتصدق لها ، ويلبسها وجائز أن يكون أراد ، والله اعلم الإنفاق والتصدق على غيره{[5609]} فعلى ذلك كتمان ما آتاهم من الأموال إذا تركوا الإنفاق على غيرهم لان من كانت له الأموال لا يترك الإنفاق على نفسه .

وقيل : { الذين يبخلون ويأمرون الناس البخل } أي لما أنعم الله عليهم من الأموال أو بما بين لهم من صفاته عليه الصلوات ، أو بما أمروا من العبادات حملهم على الكفر أحد هذه الأوجه الثلاثة ، إذ كانوا استحلوا أحدها فكفروا بذلك لزمهم الذي ذكر القرآن والله أعلم وكتمانهم يرجع إلى كتمان البعث{[5610]} والحقوق والعبادات في أنفسهم لئلا يعرفوا بالعدول عما في كتبهم وذلك يخوفهم{[5611]} واله أعلم .

وقوله تعالى : { واعتدنا للكافرين عذابا مهينا } ظاهر وقد ذكرناه{[5612]} في غير موضع .


[5603]:ساقطو من الأصل و م.
[5604]:في الأصل و م: نعت.
[5605]:ساقطو من الأصل و م.
[5606]:من م في الأصل: الصدق.
[5607]:ساقطو من الأصل و م.
[5608]:ساقطو من الأصل و م.
[5609]:في الأصل و م: غيرهم.
[5610]:في الأصل و م: النعت.
[5611]:في الأصل و م: تخويفهم.
[5612]:في الأصل و م: ذكرنا.