بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ وَيَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِ وَيَكۡتُمُونَ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا} (37)

ثم قال تعالى : { الذين يَبْخَلُونَ } قال مجاهد ومقاتل : نزلت في اليهود ، يبخلون بكتمان صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتابهم { وَيَأْمُرُونَ الناس بالبخل } يعني : أمروا قومهم أن يكتموا صفته صلى الله عليه وسلم - { وَيَكْتُمُونَ مَا آتاهم الله مِن فَضْلِهِ } في التوراة . ويقال : أبخل الناس الذي يبخل بعلمه . ويقال : { الذين يَبْخَلُونَ } يعني في المال ، لأن رؤساءهم كانوا لا يعطون أحداً من أموالهم شيئاً ، لأن عادتهم كان الأخذ والمنع ، وكانوا أيضاً يأمرون بالبخل ، لأن من كان في معصية فإنه يأمر غيره بذلك لكي لا يظهر عيبه { وَيَكْتُمُونَ مَا آتاهم الله مِن فَضْلِهِ } يعني : لا يشكرون على ما أعطاهم الله من نعمته ، ولا يخرجون الزكاة .

ثم قال تعالى : { وَأَعْتَدْنَا للكافرين عَذَاباً مُّهِيناً } أي عذاباً شديداً . قرأ حمزة والكسائي : { بالبخل } بنصب الباء والخاء ، وقرأ الباقون { بالبُخْل } بضم الباء وجزم الخاء . وقال بعض أهل اللغة : ها هنا أربع لغات وهي لغة الأنصار : بخل ، وبخل ، وبخل ، وبخل إلا أنه قرأ بحرفين ولا يقرأ بالحرفين الآخرين .