غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

19

{ ولو نشاء لأريناكهم } أي لو شئنا أريناك أماراتهم { فلعرفتهم } كررت لام جواب " لو " في المعطوف لأجل المبالغة { بسيماهم } بعلامتهم . عن أنس أنه ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من المنافقين ، ولقد كنا في بعض الغزوات وفيها تسعة منهم يشكوهم الناس فناموا ذات ليلة وأصبحوا وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب " هذا منافق " . ومعنى لحن القول نحوه وأسلوبه وفحواه أي يقولون ما معناه النفاق كقولهم { لئن رجعنا إلى المدينة } [ المنافقون : 8 ] { إن بيوتنا عورة } [ الأحزاب : 13 ] أو لتعرفنهم في فحوى كلام الله حيث قال ما يعلم منه حال المنافقين كقوله { ومن الناس من يقول } [ البقرة : 8 ] { ومنهم من عاهد الله } [ التوبة : 75 ] وحقيقة اللحن ذهاب الكلام إلى خلاف جهته . وقيل : اللحن أن تميل كلامك إلى نحو من الأنحاء ليفطن له صاحبك كالتعريض والتورية قال :

ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا *** واللحن يعرفه ذوو الألباب

ويقال للمخطئ لاحن لأنه يعدل بالكلام عن الصواب . وقال الكلبي : لحن القول كذبه . ولم يتكلم بعد نزولها منافق عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عرفه . وعن ابن عباس هو قولهم ما لنا إن أطعنا من الثواب ولا يقولون ما علينا إن عصينا من العقاب { والله يعلم أعمالكم } فيميز خيرها من شرها وإخلاصها من نفاقها .

/خ38