غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (153)

151

{ وإن هذا صراطي } من قرأ بالفتح والتخفيف فبإعماله في ضمير الشأن والتقدير : تعالوا أتل ما حرم وأتل أنه هذا صراطي ، وكذا فيمن قرأ بالتشديد وبالفتح إلا أن ضمير الشأن لا يقدر . وإن شئت جعلتها خفضاً متعلقاً بما قبله أي ذلكم وصاكم به وبأن هذا ، أو بما بعده والتقدير وبأن هذا صراطي مستقيماً { فاتبعوه } ومن كسر فلأن التلاوة في معنى القول أو على الاستئناف والمعنى اتبعوا صراطي أنه مستقيم { ولا تتبعوا السبل } المختلفة في الدين من اليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر البدع والضلالات { فتفرق بكم } الباء للتعدية أي فيفرقكم ذلك الأتباع { عن سبيله } المستقيم وهو دين الإسلام . وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله أنه خط خطاً ثم قال : هذا سبيل الرشد . ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطاً ثم قال : هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ، ثم تلا هذه الآية . فهذه الآية بالحقيقة إجمال لما في الآيتين المتقدمتين ولهذا ختمها بالتقوى التي هي ملاك العمل وخير الزاد وختم الأولى بقوله { لعلكم تعقلون } لأنها أمور ظاهرة جلية يكفي في تعقلها أدنى مسكة وعقل ، وختم الثانية بقوله : { لعلكم تذكرون } لأن المذكور فيها أمور خفية تحتاج إلى التدبر والتذكر حتى يقف فيها على موضع الاعتدال . أو نقل : الأمور الخمسة المذكورة في الآية الأولى كلها عظام جسام وكانت الوصية بها من أبلغ الوصايا فختم الآية بما في الإنسان من أشرف السجايا وهو العقل الذي امتاز به الإنسان عن سائر الحيوان ، وأما المذكورة في الثانية فأشياء يقبح تعاطيها وارتكابها وكانت الوصية بها تجري مجرى الزجر والوعظ فختمها بقوله : { تذكرون } أي تتعظون بمواعظ الله تعالى .

/خ165