غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمۡ جَزَآءٗ وَكَانَ سَعۡيُكُم مَّشۡكُورًا} (22)

1

ثم ختم وعدهم بقوله { إن هذا كان لكم جزاء } عن ابن عباس أن هذا المعنى إنما يقال لهم بعد دخولهم الجنة ، فالقول مقدر والغرض إعلامهم أن كل ما تقدم من أصناف العطاء إنما هو جزاء أعمالهم والغرض إذاقة لذة الآخرة فإن سرورهم يزيد بذلك . وقال آخرون : إنه ابتداء خبر من الله تعالى لعباده في الدنيا ليعلموا في دار التكليف أن هذه الأشياء معدة في الآخرة لمن بر وأطاع . واعلم أنه سبحانه بين في أول السورة أن الإنسان وجد بعد العدم ، ثم ذكر أنه خلقه من أمشاج وهي العناصر والأخلاط والماآن ماء الرجل وماء المرأة ، والأطوار المتعاقبة على النطفة أو النفس أو البدن ، وعلى جميع التقادير فلذلك يدل على كونه فاعلاً مختاراً صانعاً حكيماً . ثم أخبر أنه ما خلقه لأجل العبث ماطلاً باطلاً ولكنه خلقه للابتلاء والامتحان وأعطاه كل ما هو محتاج إليه من العقل والحواس ، ثم إن مآل أمره بالجبر أو بالقدر إلى الشكر أو الكفر ، أما الكفر فله السلاسل والأغلال ، وأما الشاكر فله النعيم والظلال . واختصر في العقاب وأطنب في ذكر الثواب إشارة إلى أن رحمته سبقت غضبه .

/خ31