مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ} (6)

{ مِنَ الجنة والناس } بيان للذي يوسوس ، على أن الشيطان ضربان : جني وإنسي كما قال { شياطين الإنس والجن } [ الأنعام : 112 ]

ختام السورة:

وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال لرجل : هل تعوذت بالله من شيطان الإنس ؟

روي أنه عليه السلام سحر فمرض ، فجاءه ملكان وهو نائم فقال أحدهما لصاحبه : ما باله ؟ فقال : طُبّ . قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم اليهودي . قال : وبم طبه ؟ قال : بمشط ومشاطة في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذي أروان . فانتبه صلى الله عليه وسلم فبعث زبيراً وعلياً وعماراً رضي الله عنهم فنزحوا ماء البئر وأخرجوا الجف ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه ، وإذا فيه وتر معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر ، فنزلت هاتان السورتان ، فكلما قرأ جبريل آية انحلت عقدة ، حتى قام صلى الله عليه وسلم عند انحلال العقدة الأخيرة كأنما نشط من عقال ، وجعل جبريل يقول : باسم الله أرقيك ، والله يشفيك ، من كل داء يؤذيك .

ولهذا جوز الاسترقاء بما كان من كتاب الله وكلام رسوله عليه السلام لا بما كان بالسريانية والعبرانية والهندية ، فإنه لا يحل اعتقاده والاعتماد عليه .

ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا وأقوالنا ، ومن شر ماعملنا وما لم نعمل ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ونبيه وصفيه ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، صلى الله عليه وعلى آله مصابيح الأنام ، وأصحابه مفاتيح دار السلام ، صلاة دائمة ما دامت الليالي والأيام .