{ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ } هو ضمير الشأن ، و { الله أَحَدٌ } هو الشأن ، كقولك : هو زيد منطلق ، كأنه قيل : الشأن هذا ، وهو أن الله واحد لا ثاني له ، ومحل { هُوَ } الرفع على الابتداء ، والخبر هو الجملة ، ولا يحتاج إلى الراجح ؛ لأنه في حكم المفرد في قولك : زيد غلامك ، في أنه هو المبتدأ في المعنى ، وذلك أن قوله :{ الله أَحَدٌ } هو الشأن الذي عبارة عنه ، وليس كذلك : زيد أبوه منطلق ، فإن زيداً أو الجملة يدلان على معنيين مختلفين ، فلا بد مما يصل بينهما .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : قالت قريش : يا محمد ، صف لنا ربك الذي تدعونا إليه ، فنزلت . يعني الذي سألتموني وصفه هو الله تعالى . وعلى هذا { أَحَدٌ } خبر مبتدأ محذوف ، أي هو أحد ، وهو بمعنى واحد ، وأصله وحد ، فقلبت الواو همزة لوقوعها طرفاً .
والدليل على أنه واحد من جهة العقل أن الواحد إما أن يكون في تدبير العالم وتخليقه كافياً أولاً ، فإن كان كافياً كان الآخر ضائعاً غير محتاج إليه ، وذلك نقص ، والناقص لا يكون إلهاً ، وإن لم يكن كافياً فهو ناقص ، ولأن العقل يقتضي احتياج المفعول إلى فاعل ، والفاعل الواحد كافٍ ، وما وراء الواحد فليس عددا أوليا من عدد فيفضي ذلك إلى وجود أعداد لا نهاية لها ، وذا محال . فالقول بوجود إلهين محال ، ولأن أحدهما إما أن يقدر على أن يستر شيئاً من أفعاله عن الآخر أو لا يقدر ، فإن قدر لزم كون المستور عنه جاهلاً ، وإن لم يقدر لزم كونه عاجزاً . ولأنا لو فرضنا معدوماً ممكن الوجود فإن لم يقدر واحد منهما على إيجاده كان كل واحد منهما عاجزاً ، والعاجز لا يكون إلهاً ، وإن قدر أحدهما دون الآخر ، فالآخر لا يكون إلهاً ، وإن قدراً جميعاً فإما أن يوجداه بالتعاون ، فيكون كل واحد منهما محتاجاً إلى إعانة الآخر ، فيكون كل واحد منهما عاجزاً ، وإن قدر كل واحد منهما على إيجاده بالاستقلال ، فإذا أوجده أحدهما فإما أن يبقى الثاني قادراً عليه وهو محال ؛ لأن إيجاد الموجود محال ، وإن لم يبق فحينئذ يكون الأول مزيلاً قدرة الثاني فيكون عاجزاً ومقهوراً تحت تصرفه ، فلا يكون إلهاً . فإن قلت : الواحد إذا أوجد مقدور نفسه فقد زالت قدرته ، فيلزمكم أن يكون هذا الواحد قد جعل نفسه عاجزاً . قلنا : الواحد إذا أوجد مقدور نفسه فقد نفذت قدرته ، ومن نفذت قدرته لا يكون عاجزاً ، وأما الشريك فما نفذت قدرته ؛ بل زالت قدرته بسبب قدرة الآخر ، فكان ذلك تعجيزاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.