مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (18)

{ وَجَاءوا على قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } ذي كذب أو وصف بالمصدر مبالغة كأنه نفس الكذب وعينه كما يقال للكذاب هو الكذب بعينه والزور بذاته . رُوي أنهم ذبحوا سخلة ولطخوا القميص بدمها وزل عنهم أن يمزقوه ، ورُوي أن يعقوب عليه السلام لما سمع بخبر يوسف صاح بأعلى صوته وقال : أين القيمص ، فأخذه وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال : تالله ما رأيت كاليوم ذئباً أحلم ، من هذا أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه . وقيل : كان في قميص يوسف ثلاث آيات كان دليلاً ليعقوب على كذبهم { وألقاه على وجهه فارتد بصيراً } ودليلاً على براءة يوسف حين قد من دبره . ومحل { على قميصه } النصب على الظرف كأنه قيل : وجاؤا فوق قميصه بدم { قَالَ } يعقوب عليه السلام { بَلْ سَوَّلَتْ } زينت أو سهلت { لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا } عظيماً ارتكبتموه { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } خبر أو مبتدأ لكونه موصوفاً أي فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أجمل وهو ما لا شكوى فيه إلى الخلق { والله المستعان } أي استعينه { على } احتمال { مَا تَصِفُونَ } من هلاك يوسف والصبر على الرزء فيه .