مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا يَشَآءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (251)

{ فَهَزَمُوهُم } أي طالوت والمؤمنون جالوت وجنوده { بِإِذُنِ الله } بقضائه { وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ } كان بيشا أو داود في عسكر طالوت مع ستة من بنيه وكان داود سابعهم وهو صغير يرعى الغنم ، فأوحى الله إلى نبيهم أن داود هو الذي يقتل جالوت فطلبه من أبيه فجاء وقد مر في طريقه بثلاثة أحجار دعاه كل واحد منها أن يحمله وقالت له : إنك تقتل بنا جالوت فحملها في مخلاته ورمى بها جالوت فقتله وزوجه طالوت بنته ، ثم حسده وأراد قتله ثم مات تائباً { وآتاه الله الملك } في مشارق الأرض المقدسة ومغاربها ، وما اجتمعت بنو إسرائيل على ملك قط قبل داود { والحكمة } والنبوة { وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء } من صنعة الدروع وكلام الطيور والدواب وغير ذلك . { وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس } هو مفعول به { بَعْضُهُمْ } بدل من «الناس » «دفاع » : مدني مصدر دفع أو دافع { بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض } أي ولولا أن الله تعالى يدفع بعض الناس ببعض ويكف بهم فسادهم لغلب المفسدون وفسدت الأرض وبطلت منافعها من الحرث والنسل ، أو ولولا أن الله تعالى ينصر المسلمين على الكافرين لفسدت الأرض بغلبة الكفار وقتل الأبرار وتخريب البلاد وتعذيب العباد { ولكن الله ذُو فَضْلٍ عَلَى العالمين } بإزالة الفساد عنهم وهو دليل على المعتزلة في مسألة الأصلح