فلما التقى الجمعان وطالوت في قلة وجالوت في كثرة ، عمد داود ، عليه السلام ، فقام بحيال جالوت ، لا يقوم ذلك المكان إلا من يريد قتال جالوت ، فجعل الناس يسخرون من داود حين قام بحيال جالوت ، وكان جالوت من قوم عاد عليه بيضة فيها ثلاثمائة رطل ، فقال جالوت : من أين هذا الفتى ؟ ارجع ويحك ، فإني أراك ضعيفا ، ولا أرى لك قوة ، ولا أرى معك سلاحا ، ارجع فإني أرحمك ، فقال داود ، عليه السلام : أنا أقتلك بإذن الله عز وجل ، فقال جالوت : بأي شيء تقتلني ؟ وقد قمت مقام الأشقياء ، ولا أرى معك سلاحا إلا عصاك هذه ، هلم فاضربني بها ما شئت ، وهي عصاه التي كان يرد بها غنمه ، قال داود : أقتلك بإذن الله بما شاء الله .
فتقدم جالوت ليأخذه بيده مقتدرا عليه في نفسه ، وقد صارت الحجارة الثلاثة حجرا واحدا ، فلما دنا جالوت من داود ، أخرج الحجر من مخلاته ، وألقت الريح البيضة عن رأسه ، فرماه فوقع الحجر في دماغه حتى خرج من أسفله ، وانهزم الكفار ، وطالوت ومن معه وقوف ينظرون ، فذلك قوله سبحانه : { فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت } بحذافة فيها حجر واحد ، وقتل معه ثلاثون ألفا ، وطلب داود نصف مال طالوت ونصف ملكه ، فحسده طالوت على صنيعه وأخرجه ، فذهب داود حتى نزل قرية من قرى بني إسرائيل وندم طالوت على صنيعه ، فقال في نفسه : عمدت إلى خير أهل الأرض بعثه الله عز وجل لقتل جالوت فطردته ، ولم أف له ، وكان داود ، عليه السلام ، أحب إلى بني إسرائيل من طالوت .
فانطلق في طلب داود ، فطرق امرأة ليلا من قدماء بني إسرائيل تعلم اسم الله الأعظم ، وهي تبكي على داود فضرب بابها ، فقالت : من هذا ؟ قال : أنا طالوت ، فقالت : أنت أشقى الناس وأشرهم ، هل تعلم ما صنعت ؟ طردت داود النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أمره من الله عز وجل ، وكانت لك آية فيه من أمر الدرع وصفة أشماويل وظهوره على جالوت ، وقتل الله عز وجل به أهل الأوثان فانهزموا ، ثم غدرت بداود وطردته ، هلكت يا شقي ، فقال لها : إنما أتيتك لأسألك ما توبتي ؟ قالت : توبتك أن تأتي مدينة بلقاء ، فتقاتل أهلها وحدك ، فإن افتتحتها ، فهي توبتك ، فانطلق طالوت ، فقاتل أهل بلقاء وحده ، فقتل وعمدت بنو إسرائيل إلى داود ، عليه السلام ، فردوه وملكوه ، ولم يجتمع بنو إسرائيل لملك قط غير داود عليه السلام ، فكانوا اثنى عشر سبطا ، لكل سبط ملك بينهم ، فذلك قوله تبارك وتعالى : { فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت } .
{ وآتاه الله الملك } ، يعني ملكه اثنا عشر سبطا ، { والحكمة } يعني الزبور ، { وعلمه مما يشاء } ، علمه صنعة الدروع ، وكلام الدواب والطير ، وتسبيح الجبال ، { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض } ، يقول الله سبحانه : لولا دفع الله المشركين بالمسلمين ، لغلب المشركون على الأرض ، فقتلوا المسلمين ، وخرجوا المساجد والبيع والكنائس والصوامع ، فذلك قوله سبحانه : { لفسدت الأرض } ، يقول : لهلكت الأرض نظيرها : { إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها } ( النمل : 34 ) ، يعني أهلكوها ، { ولكن الله ذو فضل على العالمين } في الدفع عنهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.