قوله : ( فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَءَاتَاهُ اللَّهُ المُلْكَ ) [ 249 ] .
أي أتى داود ، وذلك أن جالوت برز وقال : من يبرز إلي فيقتلني ، فلكم ملكي ، وإن قتلته فلي ملككم ، فأتي بداود إلى طالوت ، فقاضاه إن قتله أن ينكحه( {[8179]} ) ابنته ، وأن يحكمه في ماله فألبسه/طالوت سلاحاً ، فكره داود أن يقاتله بسلاح ، وقال : إن الله إن لم ينصرني عليه ، فلا تغني السلاح( {[8180]} ) شيئاً ، فخرج( {[8181]} ) بالمقلاع ومخلاة فيها أحجار ، ثم برز إليه . فقال له جالوت : أنت تقاتلني ؟ فقال داود : نعم . فقال جالوت : ويحك ما خرجت/إلا كما يخرج إلى الكلب بالمقلاع والحجارة . لأُبَدِّدَنَّ لحمك ولأطعمنك( {[8182]} ) اليوم الطير والسباع " .
فقال له داود : " بل( {[8183]} ) أنت عدو الله شر( {[8184]} ) من الكلب " . فأخذ داود حجراً فرماه بالمقلاع ، فأصاب بين عينيه حتى نفذ في دماغه ، وصرع جالوت وانهزم من معه ، وأخذ رأسه . ورجع الناس إلى طالوت ، فادَّعَوْا قتل جالوت ، فأتى بعضهم( {[8185]} ) بسيف وبعضهم بشيء من جسده ، والرأس مع داود( {[8186]} ) .
فقال طالوت : " من جاء بالرأس فهو الذي قتله( {[8187]} ) . فجاء داود به( {[8188]} ) ، وطالب طالوت بما وعده . فندم طالوت على ما جرى بينهما من الشرط ، فقال طالوت : إن بنات الملوك لابد لهن من صداق وأنت رجل جريء شجاع( {[8189]} ) ، فاجعل صداقها ثلاثمائة غلفة من أعدائنا –يرجو بذلك أن يقتل داود- . فغزا معه داود ، وأسر ثلاثمائة وقطع غلفهم وجاء بها ، فلم يجد بداً من تزويجه وأدركته الندامة ، فأراد قتل داود حتى( {[8190]} ) هرب منه إلى الجبل ، وحاصره طالوت ، فلما كان ذات ليلة تسلط( {[8191]} ) عليهم النوم فنزل داود/فأخذ إبريق( {[8192]} ) طالوت الذي كان يشرب فيه ، وقطع شعرات من لحيته وشيئاً من هدبة ثيابه ورجع إلى مكانه ، وناداه : أن تعهد حرسك ، فإني لو شئت قتلتك البارحة ، وهذا( {[8193]} ) إبريقك وشيء من شعر لحيتك ، وشيء من هذبة ثيابك ، وبعث به إليه . فعلم طالوت أنه لو شاء قتله ، فعطفه ذلك عليه فأمنه وعاهده ألا يرى بأساً ثم انصرف " ( {[8194]} ) .
قال ابن إسحاق : " إن داود كان له أربعة إخوة خرجوا مع طالوت ، وبقي داود في الغنم يرعاها لهم ، وكان أصغرهم ، فأمره أبوه أن يحمل إليهم زاداً( {[8195]} ) ويرجع ، فخرج داود ومعه زاد إخوته ومخلاته فيها حجارة ، ومقلاعه الذي يرمي به فمر بحجر فناداه يا داود ، خذني فاجعلني( {[8196]} ) في مخلاتك/تقتل بي جالوت ، فإني حجر( {[8197]} ) يعقوب ، فأخذه [ وجعله ]( {[8198]} ) في مخلاته ومضى فناداه حجر( {[8199]} ) آخر مثل ذلك ، وقال : أنا حجر إسحاق ، فأخذه ومضى ، فنادي ثالث مثل ذلك ، وقال : أنا حجر إبراهيم فأخذه/ووصل إلى( {[8200]} ) القوم فدفع إليهم أزودتهم ، فسمع داود خوض الناس في العسكر وتعظيمهم لأمر جالوت فقال لهم : " إنكم لتعظمون من أمره ، والله لو أراد الملك لقتلته فأدخلوني على الملك طالوت . /فأدخل عليه فقال : أيها الملك ، إني أراكم تعظمون( {[8201]} ) أمر هذا العدو و( {[8202]} )والله لو أردته لقتلته . فقال له طالوت : يا فتى ، ما عندك من القوة على ذلك ، وفيمن جربت نفسك ؟
قال داود : قد كان الأسد يعدو على الشاة من غنمي فأدركه وآخذ برأسه فأفك لحييه عنها ، فآخذها من فيه ، فادع لي بدرعك حتى ألبسها ، فدعا بالدرع فلبسها . فلما أصبحوا رجعوا إلى جالوت فلما التقى الناس ، قال داود : أروني جالوت . فأروه إياه على فرس ، فلما رآه جعلت الأحجار الثلاثة تتواثب في مخلاته [ ويقول ]( {[8203]} ) هذا : خذني ، وهذا خذني . فأخذ أحدها( {[8204]} ) وجعله في مقلاعه ، ثم أرسله فصك( {[8205]} ) به بين( {[8206]} ) عينيه ، ورفعه ، وتنكس عن دابته فقتله . وانهزم وقال الناس : قتل داود جالوت ، وخلع طالوت حتى لم/يسمع له ذلك( {[8207]} ) " .
( وَءَاتَاهُ اللَّهُ المُلْكَ وَالحِكْمَةَ ) [ 249 ]( {[8208]} ) .
قوله : ( وَلَوْلاَ دِفَاعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم( {[8209]} ) بِبَعْضٍ( {[8210]} ) ) الآية [ 249 ] .
أي يدفع بأهل الطاعة عن أهل المعصية ، وبالبر عن الفاجر .
( لَّفَسَدَتِ الاَرْضُ ) [ 249 ] . أي بهلاك أهلها .
وروى ابن عمر عن النبي [ عليه السلام ]( {[8211]} ) أنه قال : " إِنَّ اللَّهَ لَيَدْفَعُ بِالمُسْلِمِ الصَّالِحِ عَنْ مَائَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِهِ البَلاَءَ " ثم قرأ ابن عمر ( وَلَوْلاَ دِفَاعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الاَرْضُ )( {[8212]} ) .
وعن جابر بن( {[8213]} ) عبد الله ، قال : قال [ النبي عليه السلام ]( {[8214]} ) :
" إِنَّ اللَّهَ لَيُصْلِحُ بِصَلاَحِ المُسْلِمِ( {[8215]} ) وَلَدَهُ ، وَوَلَدَ وَلَدِهِ ، وَأَهْلَ دُوَيْرَتِهِ وَدُوَيْرَاتِ( {[8216]} ) جِيرَانِهِ . وَلاَ يَزَالُونَ فِي حِفْظٍ مَا دَامَ فِيهِم( {[8217]} ) " .
وأكثر أهل التفسير على أن المعنى : لولا أن الله يدفع بمن يصلي( {[8218]} ) عن( {[8219]} ) من لا يصلي( {[8220]} ) ، وبمن يتقي عن( {[8221]} ) من لا يتقي لأهلك الناس بذنوبهم( {[8222]} ) .
وقيل المعنى : لولا أن الله أمر بحرب الكفار ، لكان إفسادهم في الأرض أكثر ، ولولا أمره في الحرب لَعُمِلَ بالكفر ، فيهلك الناس بذنوبهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.