مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِيتٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۭ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٞ فَـَٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَيۡنِ فَإِن لَّمۡ يُصِبۡهَا وَابِلٞ فَطَلّٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (265)

{ وَمَثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم ابتغاء مَرْضَاتِ الله وَتَثْبِيتًا مّنْ أَنفُسِهِمْ } أي وتصديقاً للإسلام وتحقيقاً للجزاء من أصل أنفسهم ، لأنه إذا أنفق المسلم ماله في سبيل الله علم أن تصديقه وإيمانه بالثواب من أصل نفسه ومن إخلاص قلبه .

و«من » لابتداء الغاية وهو معطوف على المفعول له أي للإبتغاء والتثبيت ، والمعنى ومثل نفقة هؤلاء في زكاتها عند الله { كَمَثَلِ جَنَّةٍ } بستان { بِرَبْوَةٍ } مكان مرتفع ، وخصها لأن الشجر فيها أزكى وأحسن ثمراً «بربوة » : عاصم وشامي { أَصَابَهَا وَابِلٌ فَئَاتَتْ أُكُلُهَا } ثمرتها «أكلها » : نافع ومكي وأبو عمرو { ضِعْفَيْنِ } مثلي ما كانت تثمر قبل بسبب الوابل { فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ } فمطر صغير القطر يكفيها لكرم منبتها ، أو مثل حالهم عند الله بالجنة على الربوة ونفقتهم الكثيرة والقليلة بالوابل والطل ، وكما أن كل واحد من المطرين يضعف أكل الجنة فكذلك نفقتهم كثيرة كانت أو قليلة بعد أن يطلب بها رضا الله تعالى زاكية عند الله زائدة في زلفاهم وحسن حالهم عنده { والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } يرى أعمالكم على إكثار وإقلال ويعلم نياتكم فيهما من رياء وإخلاص .