غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ إِنِّيٓ أُرِيدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَيَّ هَٰتَيۡنِ عَلَىٰٓ أَن تَأۡجُرَنِي ثَمَٰنِيَ حِجَجٖۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرٗا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَيۡكَۚ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

22

{ أريد أن أنكحك إحدى ابنتي } وليس هذا عقداً حتى تلزم الجهالة في المعقود عليها ولكنه حكاية عزم وتقرير وعد ولو كان عقداً لقال أنكحتك ابنتي فلانة . وفي قوله { هاتين } دليل على أنه كانت له غيرهما . قال أهل اللغة : { تأجرني } من أجرته إذا كنت له أجيراً فيكون { ثماني } حجج ظرفه أو من أجرته كذا إذا أثبته إياه فيكون المثاني مفعولاً به ثانياً ومعناه رعية ثماني حجج { فإن أتممت عشراً } أي عمل عشر حجج { فمن عندك } أي فإتمامه من عندك لا من عندي إذ هو تفضل منك وتبرع { وما أريد أن أشق عليك } الزام أتم الأجلين أو بالتكاليف الشاقة في مدة الرعي ، وإنما أعامل معك معاملة الأنبياء يأخذون بالأسمح -بالحاء لا بالجيم- قال أهل الاشتقاق : حقيقة قولهم شققت عليه وشق عليه الأمر أنه إذا صعب الأمر فكأنه شق عليه ظنه باثنين يقول تارة أطيقه وتارة لا أطيقه . ثم أكد وعد المسامحة بقوله { ستجدني إن شاء الله من الصالحين } عموماً أو في باب حسن المعاملة . وقوله { إن شاء الله } أدب جميل كقول إسماعيل { ستجدني إن شاء الله من الصابرين } [ الصافات : 102 ] أي على الذبح .

وفيه أن الاعتماد في جميع الأمور على معونة الله والأمر موكول إلى مشيئته . استدل الفقهاء بالآية على أن العمل قد يكون مهراً كالمال ، وعلى أن إلحاق الزيادة بالثمن والمثمن جائز ، وعلى أن عقد النكاح لا يفسده الشروط التي لا يوجبها العقد . ويمكن أن يقال : إنه شرع من قبلنا فلا يلزمنا . وجوّز في الكشاف أن يكون استأجره لرعية ثماني سنين بمبلغ معلوم ووفاه إياه ثم أنكحه ابنته . وجعل قوله { على أن تأجرني } عبارة عما جرى بينهما .

/خ42