فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قَالَ إِنِّيٓ أُرِيدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَيَّ هَٰتَيۡنِ عَلَىٰٓ أَن تَأۡجُرَنِي ثَمَٰنِيَ حِجَجٖۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرٗا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَيۡكَۚ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

{ قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين27 }

عرض صالح مدين على موسى أن يزوجه بواحدة من ابنتيه هاتين- وربما كانت له بنات غيرهما- واشترط عليه لقاء تزويجه أن يعمل لديه مدة ثمان سنين .

مما أورد القرطبي في هذا الشأن : فمن الحسن عرض الرجل وليته ، والمرأة نفسها على الرجل الصالح اقتداء بالسلف الصالح ، قال ابن عمر : لما تأيمت{[3028]} حفصة قال عمر لعثمان : إن شئت أنكحك حفصة بنت عمر ، الحديث انفرد بإخراجه البخاري . . قوله تعالى : { إحدى ابنتي هاتين } يدل على أنه عرض لا عقد ، لأنه لو كان عقدا لعين المعقود عليها له ، لأن العلماء وإن كانوا قد اختلفوا في جواز البيع إذا قال : بعتك أحد عبدي هذين بثمن كذا ، فإنهم اتفقوا على أن ذلك لا يجوز في النكاح لأنه خيار ، وشيء من الخيار لا يلصق بالنكاح . . وأما النكاح بالإجارة فظاهر من الآية ، وهو أمر قد قرره شرعنا ، وجرى في حديث الذي لم يكن عنده إلا شيء من القرآن ، رواه الأئمة ، وفي بعض طرقه : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تحفظ من القرآن " ؟ فقال : سورة البقرة والتي تليها ، قال : " فعلمها عشرين آية وهي امرأتك " اه .

واشترط شعيب عليه السلام على موسى أن يعمل ثمانية أعوام ، وزيادتها إلى عشرة موكولة إلى اختيار موسى عليه السلام وتطوعه- إن تطوع- فعلمه فيما بين السنة الثامنة والعاشرة تفضل وتبرع ، وما أرغب ولا أحب أن ألزمك الوقت الأطول ، ولا أن أكلفك من الأمر ما أجهد أو أثقل ، ستجد تعاملي معك- بتيسير الله ومشيئته- على منهاج أهل الصلاح ، فلن تكون مني مشاحة ، ولكن دأبي المياسرة والسماح .

نقل عن أهل الاشتقاق : حقيقة قولهم : شققت عليه ، وشق عليه الأمر : أنه إذا صعب الأمر فكأنه شق عليه ظنه باثنين ، يقول تارة أطيقه ، وتارة لا أطيقه .


[3028]:أصبحت دون زوج.