تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ إِنِّيٓ أُرِيدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَيَّ هَٰتَيۡنِ عَلَىٰٓ أَن تَأۡجُرَنِي ثَمَٰنِيَ حِجَجٖۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرٗا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَيۡكَۚ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

[ الآية 27 ] [ وقوله تعالى ]{[15313]} : { قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } طلبت هي الاستئجار ، وهو عرض عليه النكاح لما لم ترغب هي في النكاح ، أو طلبت الاستئجار لما{[15314]} لم تر من نفسها الرغبة في النكاح ، وإن كانت لها الرغبة حياء ، والله أعلم .

ثم قوله : { على أن تأجرني ثماني حجج } يحتمل /397- أ/ وجهين :

أحدهما : أنه يجعل عمله ثماني حجج بدلا للنكاح ومهرا لبعضها ، ثم تحديده بثماني حجج لما رأى عمل ثماني سنين مهر مثلها ، وقوله : { فإن أتممت عشرا فمن عندك } أي فإن أتممت عشرا ، أو زدت على مهر المثل فمن عندك ، أي لك ذلك : فضل منك وإحسان .

والثاني : قوله : { على أن تأجرني ثماني حجج } ليس على جعله بدلا للنكاح ولكن على الإجارة المعروفة على أجر معلوم على حدة من غير أن كان ذلك مهرا لها .

ثم التحديد بثماني سنين على هذا الوجه ، يخرج على إحدى خلتين :

إحداهما : أنه لما قص عليه قصته علم أنه لا يقدر على العود إلى المصر ، ورأى أنه لا يأمن تلك الناحية بدون ما ذكر من المدة .

[ والثانية : أنه ]{[15315]} لما رأى أن نفسه تنزع ، وتتوق بالعود إلى الوقت ، شرط{[15316]} ذلك عليه لئلا يحدث نفسه بالرجوع إليه إلى ذلك الوقت .

وقوله تعالى : { فإن أتممت عشرا فمن عندك } أي فإن زدت سنتين على ذلك ؟ فمن فضلك وإحسانك { وما أريد أن أشق عليك } في الزيادة على ذلك كله ، والله أعلم .

وقوله{[15317]} تعالى : { ستجدني إن شاء الله من الصالحين } في جميع ما يجري بينك وبيني من المعاملة والصحبة .

وفيه أن الثنيا في ما يعدون كان ظاهرا في الأمم السالفة .

ثم اختلف في أبي المرأتين : قال بعضهم : كان شعيبا . وقال بعضهم : ابن أخي شعيب . وقال الحسن : لم يكن شعيبا ، ولكنه كان سيد الماء يومئذ . وليس لنا إلى معرفة من كان حاجة . أما شعيب فإنه لم يكن في زمن موسى ، والله أعلم .


[15313]:- في الأصل وم: ثم قال.
[15314]:- في الأصل وم: ولما.
[15315]:- في الأصل وم: أو.
[15316]:- في الأصل وم: فشرط.
[15317]:- في الأصل وم: ثم قال.