النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالَ إِنِّيٓ أُرِيدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَيَّ هَٰتَيۡنِ عَلَىٰٓ أَن تَأۡجُرَنِي ثَمَٰنِيَ حِجَجٖۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرٗا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَيۡكَۚ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

قوله تعالى : { قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ } فروى عبد الرحمن بن زيد أن موسى قال : فأيهما تريد أن تنكحني ؟ قال : التي دعتك ، قال : لا إلا أن تكون تريد ما دخل في نفسك عليها فقال : هي عندي كذلك فزوجه وكانت الصغيرة واسمها صفوريا .

{ عَلَى أَن تأجرني ثَمَانِيَ حَجَجٍ } يعني عمل ثماني حجج فأسقط ذكر العمل واقتصر على المدة لأنه مفهوم منهما . والعمل رعي الغنم .

واختلف في هذه الثماني حجج على قولين :

أحدهما : أنها صداق المنكوحة .

الثاني : أنها شرط الأب في إنكاحها إياه وليس بصداق .

{ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرَاً فَمِنْ عِنْدِكَ } قال ابن عباس كانت على نبي الله موسى ثماني حجج واجبة وكانت سنتان عِدة منه فقضى الله عنه عِدته فأتمها عشراً .

{ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } فيه قولان :

أحدهما : من الصالحين في حسن الصحبة ، قاله ابن إسحاق .

الثاني : فيما وعده به .

حكى يحيى بن سلام أنه جعل لموسى كل سخلة توضع على خلاف شبه أمها فأوحى الله إلى موسى أن ألق عصاك في الماء فولدت كلهن خلاف شبههن . وقال غير يحيى : بل جعل له كل بلقاء فولدن كلهن بُلْقاً .