فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ إِنِّيٓ أُرِيدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَيَّ هَٰتَيۡنِ عَلَىٰٓ أَن تَأۡجُرَنِي ثَمَٰنِيَ حِجَجٖۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرٗا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَيۡكَۚ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

{ قال : إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين } الكبرى أو الصغرى وفيه مشروعية عرض ولي المرأة لها على الرجل ، وهذه سنة ثابتة في الإسلام كما ثبت من عرض عمر لابنته حفصة على أبي بكر وعثمان ، والقصة معروفة وغير ذلك مما وقع في أيام الصحابة وأيام النبوة ، وكذلك ما وقع من عرض المرأة لنفسها على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قيل : زوجه الكبرى وقال الأكثرون : إنه زوجه الصغرى منهما واسمها صفورا وهي التي ذهبت في طلب موسى و ( هاتين ) يدل على أنه كان له غيرهما وقد قال البقاعي : إن له سبع بنات كما في التوراة ، وهذه مواعدة منه ، ولم يكن ذلك عقد نكاح إذ لو كان عقدا لقال : قد أنكحتك .

{ على أن تأجرني ثماني حجج } جمع حجة وهي السنة قال الفراء : يقال : على أن تجعل ثوابي أن ترعى غنمي ثماني سنين . قال المبرد . يقال أجرت داري ومملوكي غير ممدود ، وممدودا والأول أكثر ، والتزوج على رعي الغنم جائز بالإجماع لأنه من باب القيام بأمر الزوجية فلا مناقضة بخلاف التزوج على الخدمة .

{ فإن أتممت } ما استأجرت عليه من الرعي { عشرا } من السنين { فمن عندك } أي تفضلا منك وتبرعا ، لا إلزاما مني لك وليس بواجب عليك ، وجعل ما زاد على الثمانية الأعوام إلى تمام عشرة أعوام ، موكولا إلى المروءة أي فهي من عندك ، والظاهر أنه استدعاء عقد بالأجل الأول نظرا إلى شرعنا ، ويمكن كونه عقدا صحيحا عندهم قاله الكرخي .

{ وما أريد أن أشق عليك } بإلزامك إتمام العشرة الأعوام ، ولا بالمناقشة في مراعاة الأوقات ، واستيفاء الأعمال ، واشتقاق المشقة من الشق أي شق ظنه نصفين ، فتارة يقول : أطيق وتارة يقول : لا أطيق ، ثم رغبة في قبول الإجازة فقال { ستجدني إن شاء الله من الصالحين } في حسن الصحبة ولطف المعاملة ولين الجانب ، والوفاء بالعهد ، وقيل أراد الصلاح على العموم فيدخل صلاح المعاملة في تلك الإجازة تحت الآية دخولا أوليا ، وقيد ذلك بالمشيئة تفويضا للأمر إلى توفيق الله ومعونته ، وللتبرك به لا تعليق صلاحه بمشيئته تعالىنهأنالب