مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِن يَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحٞ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحٞ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (140)

{ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ } : بضم القاف حيث كان ، كوفي غير حفص . ويفتح القاف : غيرهم . وهما لغتان كالضعف والضعف . وقيل : بالفتح الجراحة وبالضم ألمها ، { فَقَدْ مَسَّ القوم قَرْحٌ مّثْلُهُ } : أي إن نالوا منكم يوم أحد فقد نلتم منهم قبله يوم بدر ، ثم لم يضعف ذلك قلوبهم ولم يمنعهم عن معاودتكم إلى القتال فأنتم أولى أن لا تضعفوا ، { وَتِلْكَ } مبتدأ { الأيام } صفته والخبر { نُدَاوِلُهَا } نصرفها { بَيْنَ الناس } : أي نصرف ما فيها من النعم والنقم نعطي لهؤلاء تارة وطوراً لهؤلاء كبيت الكتاب :

فيوماً علينا ويوماً لنا*** ويوماً نساء ويوماً نسر

{ وَلِيَعْلَمَ الله الذين ءَامَنُواْ } : أي نداولها لضروب من التدبير وليعلم الله المؤمنين مميزين بالصبر والإيمان من غيرهم كما علمهم قبل الوجود ، { وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ } وليكرم ناساً منكم بالشهادة يريد المستشهدين يوم أحد ، أو ليتخذ منكم من يصلح للشهادة على الأمم يوم القيامة من قوله { لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى الناس } [ البقرة : 143 ] { والله لاَ يُحِبُّ الظالمين } : اعتراض بين بعض التعليل وبعض ، ومعناه والله لا يحب من ليس من هؤلاء الثابتين على الإيمان المجاهدين في سبيله وهم المنافقون والكافرون .