فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِن يَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحٞ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحٞ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (140)

{ قرح } جرح وألم .

{ نداولها } نديل لهم من عدوهم مرة ونديل للعدو حينا .

{ شهداء } مشهود لهم بالجنة .

{ إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس } : إن تصبكم جراح وتقتل منكم طائفة فقد أصيب أعداؤكم بجراح وقتل-{ وتلك الأيام } : اسم إشارة مشار به في ما بعده كما في الضمائر المبهمة التي يفسرها ما بعدها . . وفعله يفيد التضخيم والتعظيم و{ الأيام } : بمعنى الأوقات أو الأيام العرفية وتعريفها للعهد إشارة إلى أوقات الظفر والغلبة الجارية فيما بين الأمم الماضية والآتية ، ويوما بدر وأحد داخلان فيها دخولا أوليا ، { نداولها بين الناس } : نصرفها بينهم فتديل لهؤلاء مرة ولهؤلاء أخرى ، كما وقع ذلك يوم بدر ويوم أحد والمداولة نقل الشيء من واحد إلى آخر يقال تداولته الأيدي إذا انتقل من واحد إلى واحد . . . وصيغة المضارع الدالة على التجدد والاستمرار للإعلام بأن تلك المداولة سنة مسلوكة فيما بين الأمم قاطبة إلى أن يأتي أمر الله تعالى-{[1155]} . { وليعلم الله الذين آمنوا } : لعل المعنى ليرى المؤمنين من المنافقين فيميز بعضهم{[1156]} عن بعض- والكلام من باب التمثيل أي ليعاملهم معاملة من يريد أن يعلم المخلصين الثابتين على الإيمان من غيرهم والعلم فيه مجاز عن التمييز من باب إطلاق اسم السبب على المسبب أي ليميز الثابتين على الإيمان من غيرهم . . وبالجملة لا يرد لزوم حدوث العلم الذي هو صفة قائمة بذاته تعالى وإطلاق الإيمان مع أن المراد هو الرسوخ والإخلاص فيه والإشعار بأن الإيمان لا ينطلق على غيره-{[1157]} . { ويتخذ منكم شهداء } : ويصطفي ويختار بعضا منكم فيكرمهم بالشهادة فكأنهم يشهدون الجنة ، عن عكرمة قال : لما أبطأ على النساء الخبر خرجن يستخبرن فإذا رجلان مقتولان على دابة أو على بعير فقالت امرأة من الأنصار من هذا فلان أخو فلانة وزوجها أو زوجها وابنها فقالت : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : حي قالت فلا أبالي يتخذ الله تعالى من عباده الشهداء ونزل القرآن على ما قالت { ويتخذ منكم شهداء } { والله لا يحب الظالمين } [ أي المشركين أي وإن أنال الكفار – وفي نسخة : أدال- من المؤمنين فهو لا يحبهم وإن أحل ألما بالمؤمنين فإنه يحب المؤمنين .


[1155]:مما أورد صاحب المعاني.
[1156]:وذهب طائفة إلى أن المعنى.. ليعلم الله الذين آمنوا بصبرهم على ما يقع عليه الجزاء كما علم علما أزليا.
[1157]:مما أورد صاحب روح المعاني.