مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (135)

{ والذين إِذَا فَعَلُواْ فاحشة } فعلة متزايدة القبح ، ويجوز أن يكون و«والذين » مبتدأ خبره «أولئك » { أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } قيل : الفاحشة الكبيرة وظلم النفس الصغيرة ، أو الفاحشة الزنا وظلم النفس القبلة واللمسة ونحوهما { ذَكَرُواْ الله } بلسانهم أو بقلوبهم ليبعثهم على التوبة { فاستغفروا لِذُنُوبِهِمْ } فتابوا عنها لقبحهما نادمين . قيل : بكى إبليس حين نزلت هذه الآية { وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلاَّ الله } «من » مبتدأ و«يغفر » خبره ، وفيه ضمير يعود إلى «من » و«إلا الله » بدل من الضمير في «يغفر » والتقدير : ولا أحد يغفر الذنوب إلا الله ، وهذه جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه ، وفيه تطييب لنفوس العباد ، وتنشيط للتوبة ، وبعث عليها ، وردع عن اليأس والقنوط ، وبيان لسعة رحمته وقرب مغفرته من التائب ، وإشعار بأن الذنوب وإن جلّت فإن عفوه أجل وكرمه أعظم . { وَلَمْ يُصِرُّواْ على مَا فَعَلُواْ } : ولم يقيموا على قبيح فعلهم والإصرار الإقامة قال عليه السلام " ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة " وروي " لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار " { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } حال من الضمير في «ولم يصروا » أي وهم يعلمون أنهم أساؤوا ، أو وهم يعلمون أنه لا يغفر ذنوبهم إلا الله