الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِن يَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحٞ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحٞ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (140)

أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس { إن يمسسكم } قال : إن يصبكم .

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ { إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله } برفع القاف فيهما .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { إن يمسسكم قرح } قال : جراح وقتل .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله { إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله } قال : إن يقتل منكم يوم أحد فقد قتلتم منهم يوم بدر .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : نام المسلمون وبهم الكلوم - يعني يوم أحد - قال عكرمة : وفيهم أنزلت { إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس } وفيهم أنزلت ( إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ) ( النساء الآية 104 ) .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس { وتلك الأيام نداولها بين الناس } فإنه كان يوم أحد بيوم بدر . قتل المؤمنون يوم أحد اتخذ الله منهم شهداء ، وغلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين يوم بدر ، فجعل له الدولة عليهم .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس { وتلك الأيام نداولها بين الناس } قال : فإنه أدال المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وبلغني أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد بضعة وسبعين رجلا ، عدد الأسارى الذين أسروا يوم بدر من المشركين ، وكان عدد الأسارى ثلاثة وسبعين رجلا .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن { وتلك الأيام نداولها بين الناس } قال : جعل الله الأيام دولا . مرة لهؤلاء ، ومرة لهؤلاء . أدال الكفار يوم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .

وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية قال : والله لولا الدول ما أودى المؤمنون ، ولكن قد يدال للكافر من المؤمن ويبتلى المؤمن بالكافر ، ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه ، ويعلم الصادق من الكاذب .

وأخرج عن السدي { وتلك الأيام نداولها بين الناس } يوما لكم ويوما عليكم .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي حاتم عن ابن سيرين { وتلك الأيام نداولها بين الناس } يعني الأمراء .

وأخرج ابن المنذر عن أبي جعفر قال : إن للحق دولة وإن للباطل دولة من دولة الحق . إن إبليس أمر بالسجود لآدم فأديل آدم على إبليس ، وابتلي آدم بالشجرة فأكل منها فأديل إبليس على آدم .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس { وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء } قال : إن المسلمين كانوا يسألون ربهم : اللهم ربنا أرنا يوما كيوم بدر ، نقاتل فيه المشركين ، ونبليك فيه خيرا ، ونلتمس فيه الشهادة . فلقوا المشركين يوم أحد ، فاتخذ منهم شهداء .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : كان المسلمون يسألون ربهم أن يريهم يوما كيوم بدر ، يبلون فيه خيرا ، ويرزقون فيه الشهادة ، ويرزقون الجنة والحياة والرزق . فلقوا يوم أحد ، فاتخذ الله منهم شهداء ، وهم الذين ذكرهم الله تعالى فقال ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا ) ( البقرة الآية 154 ) الآية .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة { وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء } قال : يكرم الله أولياءه بالشهادة بأيدي عدوهم ، ثم تصير حواصل الأمور وعواقبها لأهل طاعة الله .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة { وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء } يقول : أن لا تقتلوا لا تكونوا شهداء .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الضحى قال : نزلت { ويتخذ منكم شهداء } فقتل منهم يومئذ سبعون ، منهم أربعة من المهاجرين : منهم حمزة بن عبد المطلب ، ومصعب بن عمير أخو بني عبد الدار ، والشماس بن عثمان المخزومي ، وعبد الله بن جحش الأسدي ، وسائرهم من الأنصار .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما أبطأ على النساء الخبر خرجن يستخبرن فإذا رجلان مقتولان على دابة أو على بعير فقالت امرأة من الأنصار : من هذان ؟ قالوا : فلان وفلان . أخوها وزوجها . أو زوجها وابنها ، فقالت : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : حي . . . قالت : فلا أبالي يتخذ الله من عباده الشهداء . ونزل القرآن على ما قالت { ويتخذ منكم شهداء } .