مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ} (87)

{ ياأيّها الّذين آمنوا لا تحرّموا طيّباتِ مآ أحلّ اللّه لكم } ما طاب ولذ من الحلال . ومعنى «لا تحرموا » لا تمنعوها أنفسكم كمنع التحريم ، أو لا تقولوا حرمناها على أنفسنا مبالغة منكم في العزم على تركها تزهداً منكم وتقشفاً . روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل الدجاج والفالوذ وكان يعجبه الحلواء والعسل وقال " إن المؤمن حلو يحب الحلاوة " وعن الحسن أنه دعي إلى طعام ومعه فرقد السنجي وأصحابه فقعدوا على المائدة وعليها الألوان من الدجاج المسمن والفالوذ وغير ذلك ، فاعتزل فرقد ناحية فسأل الحسن : أهو صائم ؟ قالوا : لا ولكنه يكره هذه الألوان ، فأقبل الحسن عليه وقال : يا فريقد أترى لعاب النحل بلباب البر بخالص السمن يعيبه مسلم ؟ وعنه أنه قيل له : فلان لا يأكل الفالوذ ويقول لا أؤدي شكره . فقال : أفيشرب الماء البارد ؟ قالوا : نعم . قال : إنه جاهل أن نعمة الله عليه في الماء البارد أكبر من نعمته عليه في الفالوذ . { ولا تعتدوا } ولا تجاوزوا الحد الذي حد عليكم في تحليل أو تحريم ، أو ولا تتعدوا حدود ما أحل لكم إلى ما حرم عليكم أو ولا تسرفوا في تناول الطيبات { إنّ اللّه لا يحبّ المعتدين } حدوده .