تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ} (87)

قوله سبحانه :

( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) من اللباس والنساء ، نزلت في عشر نفر ، منهم : علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وعمر ، وابن مسعود ، وعمار بن ياسر ، وعثمان بن مظعون ، والمقداد بن الأسود ، وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وحذيفة بن اليمان ، وسالم مولى أبي حذيفة ، ورجل آخر . اجتمعوا في بيت عثمان بن مظعون رضي الله عنهم ، ثم قالوا : تعالوا حتى نحرم على أنفسنا الطعام واللباس والنساء ، وأن يَقطَع بعضُهم مَذاكِيرَه ، ويلبس المسرح ، ويَبنُوا الصوامع ، فيترهَّبوا فيها ، فتفرَّقوا وهذا رأيُهم .

فجاء جبريل عليه السلام ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فأتى منزل عثمان بن مظعون رضي الله عنه ، فلم يجدهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة عثمان : "أحق ما بلغني عن عثمان وأصحابه ؟" ، قالت : وما هو يا رسول الله ؟ فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم الذي بلغه ، فكرهت أن تكذب النبي صلى الله عليه وسلم ، أو تفشي سر زوجها ، فقالت : يا رسول الله ، إن كان عثمان أخبرك بشيء ، فقد صدقك ، أو أخبرك الله عز وجل بشيء ، فهو كما أخبرك ربك تعالى ذكره ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "قولي لزوجك إذا جاء : إنه ليس مني من لم يَسْتَنَّ بسُنَّتي ، ويَهْتَدِ بهَدْينا ، ويأكل من ذبائحنا ، فإن من سُنَّتنا اللباس ، والطعام ، والنساء ، فأعلمي زوجك ، وقولي له : من رَغِب عن سُنَّتي فليس منِّى" .

فلما رجع عثمان وأصحابه ، أخبرته امرأته بقول النبي صلى الله عليه وسلم ، فما أعجبه ، فذروا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ) ، فتُحرِّموا حلاله ، ( إن الله لا يحب المعتدين ) من يُحرِّم حلالَه ، ويعتدي في أمره عز وجل .