قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } قال علماء التفسير : " إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الناس يوماً ووصف القيامة فرقَّ الناس وبكوا ، فاجتمع عشرة من الصحابة في بيت عثمان بن مظعون الجمحي وهم : أبو بكر ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر ، وأبو ذر الغفاري ، وسالم مولى أبي حذيفة ، والمقداد بن الأسود ، وسلمان الفارسي ، ومعقل بن مقرن ، وتشاوروا واتفقوا على أنهم يترهبون ويلبسون المسوح ويجبون مذاكيرهم ويصومون الدهر ويقومون الليل ولا ينامون على الفرش ولا يأكلون اللحم والودك ولا يقربون النساء ولا الطيب ويسيحون في الأرض . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتى دار عثمان بن مظعون فلم يصادفه ، فقال لامرأته : " أحق ما بلغني عن زوجك وأصحابه ؟ " فكرهت أن تكذب وكرهت أن تبدي سر زوجها ، فقالت يا رسول الله إن كان قد أخبرك عثمان فقد صدق . فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء عثمان أخبرته بذلك فأتى هو وأصحابه العشرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألم أنبأ أنكم اتفقتم على كذا وكذا " فقالوا بلى يا رسول الله وما أردنا إلا الخير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لم أؤمر بذلك ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لأنفسكم عليكم حقاً فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " ثم جمع الناس وخطبهم فقال : " ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب وشهوات الدنيا فإني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهباناً فإنه ليس في ديني ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع وإن سياحة أمتي الصوم ورهبانيتهم الجهاد ، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان واستقيموا يستقم لكم فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الديار والصوامع فأنزل الله عز وجل هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } يعني الطيبات اللذيذات التي تشتهيها الأنفس وتميل إليها القلوب من المطاعم الطيبة والمشارب اللذيذة فأعلم الله عز وجل بهذه الآية أن شريعة نبيه صلى الله عليه وسلم غير ما عزموا عليه من ترك الطيبات وأنه لا ينبغي أن تجتنب الطيبات المباحات ومعنى : لا تحرموا ، لا تعتقدوا تحريم الطيبات المباحات ، فإن من اعتقد تحريم شيء أحله الله فقد كفر . أما ترك لذات الدنيا وشهواتها والانقطاع إلى الله والتفرغ لعبادته من غير إضرار بالنفس ولا تفويت حق الغير ففضيلة لا مانع منها بل مأمور بها .
وقوله تعالى : { ولا تعتدوا } يعني : ولا تجاوزوا الحلال إلى الحرام . وقيل : معناه ولا تجبوا أنفسكم فسمى جب المذاكير اعتداء وقيل معناه ولا تعتدوا بالإسراف في الطيبات { إن الله لا يحب المعتدين } يعني المجاوزين الحلال إلى الحرام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.