{ والذين يظاهرون مِن نّسَائِهِمْ } بين في الآية الأولى أن ذلك من قائله منكر وزور ، وبين في الثانية حكم الظهار { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ } العود الصيرورة ابتداء أو بناء فمن الأول قوله تعالى : { حتى عَادَ كالعرجون القديم } [ يس : 39 ] . ومن الثاني : { وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا } [ الإسراء : 8 ] ويعدى بنفسه كقولك : عدته إذا أتيته وصرت إليه ، وبحرف الجر ب «إلى » وعلى وفي واللام كقوله : { وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] ومنه { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ } أي يعودون لنقض ما قالوا أو لتداركه على حذف المضاف ، وعن ثعلبة : يعودون لتحليل ما حرموا على حذف المضاف أيضاً غير أنه أراد بما قالوا ما حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار تنزيلاً للقول منزلة المقول فيه كقوله { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } [ مريم : 80 ] أراد المقول فيه وهو المال والولد .
ثم اختلفوا أن النقض بماذا يحصل ؟ فعندنا بالعزم على الوطء وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة ، وعند الشافعي بمجرد الإمساك وهو أن لا يطلقها عقيب الظهار .
{ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } فعليه اعتاق رقبة مؤمنة أو كافرة ولم يجز المدبر وأم الولد والمكاتب الذي أدى شيئاً { مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } الضمير يرجع إلى ما دل عليه الكلام من المظاهر والمظاهر منها . والمماسة الاستمتاع بها من جماع أو لمس بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة { ذلكم } الحكم { تُوعَظُونَ بِهِ } لأن الحكم بالكفارة دليل على ارتكاب الجناية فيجب أن تتعظوا بهذا الحكم حتى لا تعودوا إلى الظهار وتخافوا عقاب الله عليه { والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } والظهار أن يقول الرجل لامرأته : أنت عليّ كظهر أمي . وإذا وضع موضع أنت عضواً منها يعبر به عن الجملة أو مكان الظهر عضواً آخر يحرم النظر إليه من الأم كالبطن والفخذ ، أو مكان الأم ذات رحم محرم منه بنسب أو رضاع أو صهر أو جماع نحو أن يقول : أنت عليّ كظهر أختي من الرضاع ، أو عمتي من النسب ، أو امرأة ابني ، أو أبي أو أم امرأتي أو ابنتها فهو مظاهر ، وإذا امتنع المظاهر من الكفارة للمرأة أن ترافعه ، وعلى القاضي أن يجبره على أن يكفر وأن يحبسه ، ولا شيء من الكفارات يجبر عليه ويحبس إلا كفارة الظهار لأنه يضر بها في ترك التكفير . والامتناع من الاستمتاع فإن مس قبل أن يكفر استغفر الله ولا يعود حتى يكفر ، وإن أعتق بعض الرقبة ثم مس عليه أن يستأنف عند أبي حنيفة رضي الله عنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.