مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةٗ قَالُواْ يَٰحَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِيهَا وَهُمۡ يَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ} (31)

{ قَدْ خَسِرَ الذين كَذَّبُواْ بِلِقَاء الله } ببلوغ الآخرة وما يتصل بها ، أو هو مجرى على ظاهره لأن منكر البعث منكر للرؤية { حتى } غاية ل { كَذَّبُواْ } لا ل { خسر } لأن خسرانهم لا غاية له { إِذَا جَاءتْهُمُ الساعة } أي القيامة لأن مدة تأخرها مع تابد ما بعدها كساعة واحدة { بَغْتَةً } فجأة وانتصابها على الحال يعني باغتة ، أو على المصدر كأنه قيل : بغتتهم الساعة بغتة وهي ورود الشيء على صاحبه من غير علمه بوقته { قَالُواْ ياحسرتنا } نداء تفجع معناه ياحسرة احضري فهذا أوانك { على مَا فَرَّطْنَا } قصرنا { فِيهَا } في الحياة الدنيا أو في الساعة أي قصرنا في شأنها وفي الإيمان بها { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ } آثامهم { على ظُهُورِهِمْ } خص الظهر لأن المعهود حمل الأثقال على الظهور كما عهد الكسب بالأيدي ، وهو مجاز عن اللزوم على وجه لا يفارقهم .

وقيل : إن الكافر إذا خرج من قبره استقبله أقبح شيء صورة وأخبثه ريحاً فيقول : أنا عملك السيء فطالما ركبتني في الدنيا وأنا أركبك اليوم { أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ } بئس شيئاً يحملونه ، وأفاد «ألا » تعظيم ما يذكر بعده