{ قَدْ خَسِرَ } وكس وهلك { الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ اللَّهِ } بالبعث بعد الموت { حَتَّى إِذَا جَآءَتْهُمُ السَّاعَةُ } القيامة ، { بَغْتَةً } فجأة { قَالُواْ يحَسْرَتَنَا } ندامتنا { عَلَى مَا فَرَّطْنَا } قصرّنا { فِيهَا } في الطامة ، وقيل : تركنا في الدنيا من عمل الآخرة .
وقال محمد بن جرير : الهاء راجعة إلى الصفقة ، وذلك إنه لما تبين لهم خسران صفقتهم بيعهم الإيمان بالكفر والدنيا بالآخرة ، قالوا : يا حسرتنا على ما فرطنا فيها ، أي في الصفقة فترك ذكر الصفقة كما يقول { قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ اللَّهِ } لأن الخسران لا يكون إلاّ في صفقة بيع .
قال السدي : يعني على ما ضيعنا من عمل الجنة ، يدل عليه ما روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية قال : " يرى أهل النار منازلهم من الجنة فيقولون : يا حسرتنا " { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ } آثامهم وأفعالهم .
قال أبو عبيد : يقال للرجل إذا بسط ثوبه فجعل فيه المتاع : إحمل وزرك ووزرتك واشتقاقه من الوزر الذي يعتصم به ولهذا قيل : وزر لأنّه كأنّه الذي يعتصم به الملك أو النبي ومنه قوله تعالى
{ وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي } [ طه : 29-30 ] { عَلَى ظُهُورِهِمْ } .
قال السدي وعمرو بن قيس الملائي : إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيب ريحاً ، يقول : هل تعرفني ؟ يقول : لا ، إلاّ أن اللّه عز وجل قد طيب ريحك وحسّن صورتك ، فيقول : كذلك كتب في الدنيا أنا عملك الصالح طال ما ركبتك في الدنيا فاركبني اليوم أنت .
وقرأ { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً } [ مريم : 85 ] أي ركباناً ، فإن الكافر تستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحاً فيقول : هل تعرفني ؟ فيقول : لا إلاّ أن اللّه عز وجل قد قبح صورتك وأنتن ريحك ، فيقول : لما كان عملك في الدنيا ، أنا عملك السيء طالما ركبتني في المساء فأنا أركبك اليوم وذلك قوله { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } .
قال الزجاج : لا يزر إليهم أوزارهم ، كما يقول الضحّاك : نصب عيني وذكرك محيي قلبي { أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } أي يحملون ويعملون
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.