بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةٗ قَالُواْ يَٰحَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِيهَا وَهُمۡ يَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ} (31)

قوله تعالى : { قَدْ خَسِرَ الذين كَذَّبُواْ بِلِقَاء الله } يعني : غبن الذين جحدوا بالله ، وبالبعث حين اختاروا العقوبة على الثواب { حتى إِذَا جَاءتْهُمُ الساعة بَغْتَةً } يعني : فجأة ومعناه : أنهم جحدوا وثبتوا على جحودهم حتى إذا جاءتهم القيامة { قَالُواْ يا حسرتنا } يعني : يا ندامتنا وخزينا والعرب إذا اجتهدت في المبالغة في الإخبار عن أمر عظيم تقع فيه جعلته نداء كقوله : { يا حسرتنا } و { وَوُضِعَ الكتاب فَتَرَى المجرمين مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا ويلتنا مَا لهذا الكتاب لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } [ الكهف : 49 ] و يا ندامتنا { قَالُواْ يا حسرتنا على مَا فَرَّطْنَا } يعني : ضيعنا وتركنا العمل { فِيهَا } يعني : في الدنيا من عمل الآخرة { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ } يعني : آثامهم { على ظُهُورِهِمْ } يعني : إنهم يحملون آثامهم . وروى أسباط عن السدي قال : ليس من رجل ظالم يدخل قبره إلا آتاه ملك قبيح الوجه ، أسود اللون ، منتن الريح ، عليه ثياب دنسة ، فإذا رآه قال : ما أقبح وجهك فيقول : كذلك كان عملك قبيحاً . فيقول ما أنتن ريحك فيقول : كذلك كان عملك منتناً . فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك . فيكون معه في قبره . فإذا بعث يوم القيامة قال له : إني كنت أحملك في الدنيا باللذات والشهوات ، فأنت اليوم تحملني . فيركب على ظهره حتى يدخله النار .

قال : وذلك قوله : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ } وذلك على سبيل المجاز يعني : يحملون وبال ذلك على ظهورهم وعقوبته . ويقال : وقرت ظهورهم من الآثام . ثقلت وحملت ، وأصل الوزر في اللغة : هو الثقل ثم قال : { أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ } يعني : يحملون .