الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةٗ قَالُواْ يَٰحَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِيهَا وَهُمۡ يَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ} (31)

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الحسرة الندامة .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري قال « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { يا حسرتنا } قال : الحسرة أن يرى أهل النار منازلهم من الجنة في الجنة ، فتلك الحسرة » .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله { يا حسرتنا } قال : ندامتنا { على ما فرَّطنا فيها } قال : ضيعنا من عمر الجنة { وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم } قال : ليس من رجل ظالم يموت فيدخل قبره إلا جاءه رجل قبيح الوجه ، أسود اللون ، منتن الريح ، عليه ثياب دنسة ، حتى يدخل معه قبره ، فإذا رآه قال له : ما أقبح وجهك ! قال : كذلك كان عملك قبيحاً . قال : ما أنتن ريحك ! قال : كذلك كان عملك منتناً . قال : ما أدنس ثيابك ! فيقول : إن عملك كان دنساً . قال : من أنت ؟ قال : أنا عملك . قال : فيكون معه في قبره ، فإذا بعث يوم القيامة قال له : إني كنت أحملك الدنيا باللذات والشهوات فأنت اليوم تحملني ، فيركب على ظهره فيسوقه حتى يدخله النار ، فذلك قوله { يحملون أوزارهم على ظهورهم } .

وأخرج أبن جرير وابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس الملائي قال : إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله عمله في أحسن صورة وأطيب ريحاً ، فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : لا ، إلا أن الله قد طيب ريحك وحسن صورتك . فيقول : كذلك كنت في الدنيا . أنا عملك الصالح طالما ركبتك في الدنيا فاركبني أنت اليوم ، وتلا { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا } [ مريم : 85 ] . وإن الكافر يستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحاً ، فيقول : هل تعرفني ؟ فيقول : لا . ألا أن الله قد قبح صورتك ونتن ريحك . فيقول : كذلك كنت في الدنيا ، أنا عملك السيء طالما ركبتني في الدنيا فأنا اليوم أركبك ، وتلا { وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون } .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن قيس عن أبي مرزوق . مثله .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { ألا ساء ما يزرون } قال : ما يعملون .