مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حَتَّىٰ يُعۡطُواْ ٱلۡجِزۡيَةَ عَن يَدٖ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ} (29)

{ قاتلوا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله } لأن اليهود مثنيّة والنصارى مثلثة { وَلاَ باليوم الأخر } لأنهم فيه على خلاف ما يجب حيث يزعمون أن لا أكل في الجنة ولا شرب { وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ } لأنهم لا يحرمون ما حرم في الكتاب والسنة ، أو لا يعملون بما في التوراة والإنجيل { وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحق } ولا يعتقدون دين الإسلام الذي هو الحق . يقال : فلان يدين بكذا إذا اتخذه دينه ومعتقده { مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب } بيان للذين قبله ، وأما المجوس فملحقون بأهل الكتاب في قبول الجزية ، وكذا الترك والهنود وغيرهما بخلاف مشركي العرب لما رُوي الزهري أن النبي عليه السلام صالح عبدة الأوثان على الجزية إلا من كان من العرب { حتى يُعْطُواْ الجزية } إلى أن يقبلوها ، وسميت جزية لأنه مما يجب على أهلها أن يجزوه أي يقضوه ، أو هي جزاء على الكفر على التحميل في تذليل { عَن يَدٍ } أي عن يدٍ مواتية غير ممتنعة ولذا قالوا : أعطى بيده إذا انقاد ، وقالوا : نزع يده عن الطاعة . أو حتى يعطوها عن يد إلى يد نقداً غير نسيئة لا مبعوثاً على يدٍ أحد ولكن عن يد المعطي إلى يد الآخذ { وَهُمْ صاغرون } أي تؤخذ منهم على الصغار والذل وهو أن يأتي بها بنفسه ماشياً غير راكب ، ويسلمها وهو قائم ، والمتسلم جالس ، وأن يتلتل تلتلة ويؤخذ بتلبيبه ويقال له أدِّ الجزية يا ذمي وإن كان يؤديها ويزخ في قفاه وتسقط بالإسلام .