أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أنزل الله تعالى في العام الذي نبذ فيه أبو بكر رضي الله عنه إلى المشركين { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس } فكان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع بها المسلمون ، فلما حرم الله تعالى على المشركين أن يقربوا المسجد الحرام وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عنهم من التجارة التي كان المشركون يوافون بها ، فأنزل الله تعالى { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء } فأجل في الآية الأخرى التي تتبعها الجزية ، ولم تكن تؤخذ قبل ذلك فجعلها عوضاً مما منعهم من موافاة المشركين بتجاراتهم ، فقال { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } إلى قوله { صاغرون } فلما أحق ذلك للمسلمين عرفوا أنه قد عوضهم أفضل ما كانوا وجدوا عليه مما كان المشركون يوافون به من التجارة .
وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « القتال قتالان : قتال المشركين حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ، وقتال الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله فإذا فاءت أعطيت العدل » .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله . . . } الآية . قال : نزلت هذه حين أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه بغزوة تبوك .
وأخرج ابن المنذر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : أنزلت في كفار قريش والعرب { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله } [ البقرة : 193 ] وأنزلت في أهل الكتاب { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } إلى قوله { حتى يعطوا الجزية } فكان أول من أعطى الجزية أهل نجران .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجزية عن يد قال «جزية الأرض والرقبة ، جزية الأرض والرقبة » .
وأخرج النحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } قال : نسخ بهذا العفو عن المشركين .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال : لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال من يليه من العرب أمره بجهاد أهل الكتاب .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله } يعني الذين لا يصدقون بتوحيد الله { ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله } يعني الخمر والخنزير { ولا يدينون دين الحق } يعني دين الإِسلام { من الذين أوتوا الكتاب } يعني من اليهود والنصارى أوتوا الكتاب من قبل المسلمين أمة محمد صلى الله عليه وسلم { حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون } يعني يذلون .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله { عن يد } قال : عن قهر .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه في قوله { عن يد } قال : من يده ولا يبعث بها مع غيره .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سنان رضي الله عنه في قوله { عن يد } قال : عن قدرة .
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { عن يد وهم صاغرون } قال : ولا يلكزون .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه في قوله { وهم صاغرون } قال : غير محمودين .
وأخرج ابن أبي حاتم عن المغيرة رضي الله عنه . أنه بعث إلى رستم فقال له رستم : إلام تدعو ؟ فقال له : أدعوك إلى الإِسلام ، فأن أسلمت فلك ما لنا وعليك ما علينا . قال : فإن أبيت ؟ قال : فتعطي الجزية عن يد وأنت صاغر . فقال : لترجمانه : قل له ما إعطاء الجزية فقد عرفتها فما قولك وأنت صاغر ؟ قال : تعطيها وأنت قائم وأنا جالس والسوط على رأسك .
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه أنه قال لأهل حصن حاصرهم الإِسلام : أو الجزية وأنتم صاغرون قالوا : وما الجزية ؟ قال : نأخذ منكم الدراهم والتراب على رؤوسكم .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن سلمان رضي الله عنه . أنه انتهى إلى حصن فقال : إن أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا ، وإن أنتم أبيتم فأدوا الجزية وأنتم صاغرون ، فإن أبيتم فأنبذناكم على سواء إن الله لا يحب الخائنين .
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : أحب لأهل الذمة أن يتعبوا في أداء الجزية لقول الله تعالى { حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون } .
وأخرج ابن أبي شيبة عن مسروق رضي الله عنه قال « لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً أو عدله معافر » .
وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري رضي الله عنه قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس أهل هجر ، ومن يهود اليمن ونصاراهم من كل حالم دينار .
وأخرج ابن أبي شيبة عن بجالة قال : لم يأخذ عمر رضي الله عنه الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر .
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن بن محمد بن علي رضي الله عنهم قال « كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإِسلام ، فمن أسلم قبل منه ومن أبى ضربت عليهم الجزية ، حتى أن لا تؤكل لهم ذبيحة ولا ينكح منهم امرأة » .
وأخرج مالك والشافعي وأبو عبيد في كتاب الأموال وابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه . « أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار الناس في المجوس في الجزية فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «سنوا بهم سنة أهل الكتاب » .
وأخرج ابن المنذر عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : لولا أني رأيت أصحابي أخذوا من المجوس ما أخذت منهم ، وتلا { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله } الآية .
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه . أنه سئل عن أخذ الجزية من المجوس ؟ فقال : والله ما على الأرض أحد أعلم بذلك مني إن المجوس كانوا أهل كتاب يعرفونه وعلم يدرسونه ، فشرب أميرهم الخمر فسكر فوقع على أخته ، فرآه نفر من المسلمين فلما أصبح قالت أخته : إنك قد صنعت بي كذا وكذا وقد رآك نفر لا يسترون عليك . فدعا أهل الطمع فأعطاهم ثم قال لهم : قد علمتم أن آدم عليه السلام قد أنكح بنيه بناته ، فجاء أولئك الذين رأوه فقالوا : ويل للأبعد إن في ظهرك حد الله فقتلهم أولئك الذين كانوا عنده ، ثم جاءت امرأة فقالت له : بلى قد رأيتك لها : ويحاً لبغي بني فلان . . . ! قالت : أجل ، والله لقد كانت بغية ثم تابت فقتلها ، ثم أسرى على ما في قلوبهم وعلى كتبهم فلم يصبح عندهم شيء .
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذه الجزيرة من العرب على الإِسلام لم يقبل منهم غيره ، وكان أفضل الجهاد ، وكان بعد جهاد آخر على هذه الأمة في شأن أهل الكتاب { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله . . . } الآية .
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في سننه عن مجاهد رضي الله قال : يقاتل أهل الأوثان على الإِسلام ، ويقاتل أهل الكتاب على الجزية .
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من نساء أهل الكتاب من يحل لنا ومنهم من لا يحل لنا ، وتلا { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه ، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه ، ولفظ ابن مردويه : لا يحل نكاح أهل الكتاب إذا كانوا حرباً ، ثم تلا هذه الآية .
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال له : آخذ الأرض فأتقبلها أرضا خربة فأعمرها وأؤدي خراجها فنهاه ثم قال : لا تعمدوا إلى ما ولاه الله هذا الكافر فتخلعه من عنقه وتجعله في عنقك ، ثم تلا { قاتلوا الذين لا يؤمنون } إلى { صاغرون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.