النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حَتَّىٰ يُعۡطُواْ ٱلۡجِزۡيَةَ عَن يَدٖ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ} (29)

قوله عز وجل : { قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخرِ } فإن قيل : فأهل الكتاب قد آمنوا بالله واليوم الآخر فكيف قال ذلك فيهم ؟

ففيه جوابان :

أحدهما : أن إقرارهم باليوم الآخر يوجب الإقرار بجميع حقوقه ، فكانوا بترك الإقرار بحقوقه كمن لا يقرّ به .

والثاني : أنه ذمّهم ذم من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر للكفر بنعمته ، وهم في الذم بالكفر كغيرهم .

{ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } فيه وجهان :

أحدهما : أنه ما أمر الله سبحانه وتعالى بنسخه من شرائعهم .

والثاني : ما أحله لهم وحرمه عليهم .

{ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ } والحق هنا هو الله تعالى ، وفي المراد بدينه في هذا الموضع وجهان :

أحدهما : العمل بما في التوراة من اتباع الرسول ، قاله الكلبي .

والثاني : الدخول في دين الإسلام لأنه ناسخ لما سواه من الأديان ، وهو قول الجمهور .

{ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } فيه وجهان :

أحدهما : يعني من آباء الذين أوتوا الكتاب .

الثاني : من الذين أوتوا الكتاب بين أظهرهم لأنه في اتباعه كآبائهم .

{ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ } فيه تأويلان :

أحدهما : حتى يضمنوا الجزية وهو قول الشافعي لأنه يرى أن الجزية تجب انقضاء الحول وتؤخذ معه .

والثاني : حتى يدفعوا الجزية .

وفي الجزية وجهان :

أحدهما : أنها من الأسماء المجملة لا يوفق على علمها إلا بالبيان .

والثاني : أنها من الأسماء العامة التي يجب إجراؤها على عمومها إلا ما خص بالدليل .

ثم قال تعالى : { عَن يَدٍ } وفيه أربعة{[1218]} تأويلات :

أحدها : عن غنى وقدرة .

والثاني{[1219]} : أنها من عطاء لا يقابله جزاء ، قاله أبو عبيدة .

والثالث : أن يروا أن لنا في أخذها منهم يداً عليهم بحقن دمائهم بها .

والرابع{[1220]} : يؤدونها بأيديهم ولا ينفذونها مع رسلهم كما يفعله المتكبرون .

{ وَهُمْ صَاغِرُونَ } فيه خمسة{[1221]} أقاويل :

أحدها : أن يكونوا قياماً والآخذ لها جالساً ، قاله عكرمة .

والثاني : أن يمشوا بها وهم كارهون ، قاله ابن عباس .

والثالث : أن يكونوا أذلاء مقهورين ، قاله الطبري .

والرابع : أن دفعها هو الصَّغار بعينه .

والخامس : أن الصغار أن تجري عليهم أحكام الإسلام{[1222]} ، قاله الشافعي .


[1218]:في ق فيه تأويلات: أحدهما.
[1219]:سقط من ق.
[1220]:سقط من ق.
[1221]:في ق فيه أربعة تأويلات.
[1222]:سقط من ق.