محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِنۢ بَعۡدِ نُوحٖۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (17)

وقوله تعالى :

[ 17 ] { وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا 17 } .

{ وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح } أي وكثيرا ما أهلكنا من الأمم الكافرة من بعد زمن نوح ، كعاد وثمود وفرعون ، ممن قصّت أنباؤهم في القرآن العظيم ومن لم تقص . و { القرون } جمع قرن يطلق على الزمن المعين وعلى أهله المقترنين فيه . وعلى كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد . وخص { نوح } ولم يقل ( من بعد آدم ) لأنه أول رسول آذاه قومه فاستأصلهم العذاب . ففيه تهديد وإنذار للمشركين .

{ وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا } أي لا يخفى عليه شيء منها . فيدرك سرها وعلنها وسيجازي عليها .

والآية تدل كما قال الزمخشري : - على أن الذنوب هي أسباب الهلكة ، وذلك لأنه لما عقب إهلاكهم بعلمه بالذنوب علما أتمّ ، دل على أنه جازاهم بها .