[ 13 ] { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا 13 } .
{ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه } أي ألزمناه عمله الصادر منه باختياره خيرا وشرا ، بحيث لا يفارقه أبدا . بل يلزمه لزوم الطوق في العنق ، لا ينفك عنه بحال .
قال الطبري{[5380]} : المعنى : وكل إنسان ألزمناه ما قضي أنه عامله ، وهو صائر إليه من شقاء أو سعادة بعمله ، في عنقه لا يفارقه ، وإنما قوله : { ألزمناه طائره في عنقه } مثل لما كانت العرب تتفاءل به أو تتشاءم من سوانح الطير وبوارحها . اه .
/ وذلك أن العرب كانوا إذا أرادوا الإقدام على عمل من الأعمال ؛ وأرادوا أن يعرفوا أن ذلك العمل يسوقهم إلى خير أو إلى شر ، اعتبروا أحوال الطير : وهو أنه يطير بنفسه أو يحتاج إلى إزعاجه . وإذا طار فهل يطير متيامنا أو متياسرا أو صاعدا إلى الجو ، إلى غير ذلك من الأحوال التي كانوا يعتبرونها ، ويستدلون بكل واحد منها على أحوال الخير والشر والسعادة والنحوسة . فلما كثر ذلك منهم ، سمي الخير والشر بالطائر ، تسمية للشيء باسم لازمه .
قال الطبري{[5381]} : فأعلمهم جل ثناؤه ، أن كل إنسان منهم قد ألزمه ربه طائره في عنقه ، نحسا كان ذلك الذي ألزمه من الطائر وشقاء يورده سعيرا ، أو كان سعدا يورده جنان عدن . وإنما أضيف إلى العنق ولم يضف إلى اليد أو غيرها من أعضاء الجسد ، قيل لأن العنق هو موضع السمات وموضع القلائد والأطوقة وغير ذلك مما يزين أو يشين . فجرى كلام العرب بنسبة الأشياء اللازمة ببني آدم وغيرهم من ذلك ، إلى أعناقهم . وكثر استعمالهم ذلك حتى أضافوا الأشياء اللازمة سائر الأبدان إلى الأعناق . كما أضافوا جنايات أعضاء الأبدان إلى اليد ، فقالوا : ذلك بما كسبت يداه . وإن كان الذي جر عليه لسانه أو فرجه . فكذلك . قوله : { ألزمناه طائره في عنقه } وحاصله كما قاله الرازي أن قوله : { في عنقه } كناية عن اللزوم . كما يقال : جعلت هذا في عنقك أي قلدتك هذا العمل وألزمتك الاحتفاظ به . ويقال قلدتك كذا وطوقتك كذا أي صرفته إليك وألزمته إياك . ومنه قلده السلطان كذا أي صارت الولاية ، في لزومها له ، في موضع القلادة ومكان الطوق . ومنه يقال : فلان يقلد فلانا أي يجعل ذلك الاعتقاد كالقلادة المربوطة على عنقه . وقوله تعالى : { ونخرج له } أي نظهر له { يوم القيامة } أي البعث للجزاء على الأعمال : { كتابا يلقاه منشورا } أي يجده مفتوحا فيه حسناته وسيئاته . ويقال له : { اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } أي شهيدا بما عملت .
/ قال القاشاني : { كتابا } هيكلا مصورا يصور أعماله : { يلقاه منشورا } لظهور تلك الهيئات فيه بالفعل مفصلة ، لا مطويا كما كان عند كونها فيه بالقوة . يقال له : { اقرأ كتابك } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.