السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِنۢ بَعۡدِ نُوحٖۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (17)

وقوله تعالى : { وكم أهلكنا } أي : بما لنا من العظمة وبين مدلول كم بقوله تعالى : { من القرون } أي : المكذبين { من بعد نوح } كعاد وثمود من الأمم الماضية يخوّف به الكفار أي : كفار مكة قال عبد الله بن أبي أوفى : القرن عشرون ومائة سنة . وقيل : مائة سنة . روي عن محمد بن القاسم عن عبد الله بن بشر المازني أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وضع يده على رأسه وقال : «سيعيش هذا الغلام قرناً » . قال محمد بن القاسم : ما زلنا نعدّ له حتى تمت له مائة سنة ، ثم مات . وقال الكلبي : القرن ثمانون سنة وقيل أربعون .

ثم قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { وكفى بربك } أي : المحسن إليك { بذنوب عباده خبيراً بصيراً } أي : عالماً ببواطنها وظواهرها فكم من إنسان كنتم ترونه من أكابر الصالحين ثم استقرّت عاقبته على خلاف ذلك وكم من شخص ترونه مجتهداً في العبادة فإذا خلا بارز ربه بالعظائم ، وتقديم الخبر لتقديم متعلقه .