محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ} (3)

{ الذي خلق سبع سموات طباقا } قال ابن جرير{[7175]} طبقا فوق طبق ، بعضها فوق بعض .

وقال المهايمي أي يوافق بعضها بعضا بلا تضاد ليتم أمر الحكمة في الكوائن والفواسد .

وقال بعض علماء الفلك اعلم أن لفظ ( السماء ) يطلق لغة على كل ما علا الإنسان فإنه من السمو ، وهو العلو فسقف البيت سماه ومنه قوله تعالى{[7176]} { فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع } أي فليمدد بحبل إلى سقف بيته ، وهذا الفضاء اللانهائي سماء ، ومنه قوله تعالى{[7177]} { كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء } والسحاب سماء ومنه قوله تعالى {[7178]} { أنزل من السماء ماء } والكواكب سماوات ، فالسماوات السبع المذكورة كثيرا في القرآن الشريف هي هذه السيارات السبع وهي طباق أي أن بعضها فوق بعض لأن فلك كل منها فوق فلك غيره .

{ ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت } أي تخالف وعدم تناسب في رعاية الحكمة ، بل راعاها في كل خلقه .

{ فارجع البصر } أي إن شككت ، فكرر النظر { هل ترى من فطور ؟ } أي خلل . وأصل ( الفطور ) الصدوع والشقوق أريد به لازمه ، كذا قالوه والصحيح أنه على حقيقته ، أي هل ترى من انشقاق وانقطاع بين السموات بحيث تذهب باتصالات الكواكب فتفرقها وتقطع علاقاتها وأحبال تجاذبها ؟ كلا بل هي متجاذبة مرتبط بعضها ببعض من كل جهة ، كما تقدم في سورة ( ق ) في آية{[7179]} { أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج } .


[7175]:انظر الصفحة رقم 2 من الجزء التاسع والعشرين (طبعة الحلبي الثانية).
[7176]:22/ الحج/ 15.
[7177]:14/ ابراهيم/ 24.
[7178]:2/ البقرة /22.
[7179]:50/ ق/ 6.