محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ} (2)

{ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا } أي قدر الموت والحياة فأمات من شاء وما شاء وأحيى من أراد وما أراد إلى أجل معلوم ، أو أوجد الحياة وأزالها حسبما قدره .

قال القاشاني الموت والحياة من باب العدم والملكة ، فإن الحياة هي الإحساس والحركة الإرادية ولو اضطرارية كالتنفس ، والموت عدم ذلك عما من شأنه أن يكون له ، وعدم الملكة ليس عدما محضا بل فيه شائبة الوجود ، والألم يعتبر فيه المحل القابل للأمر الوجودي ، فلذلك صح تعلق الخلق به كتعلقه بالحياة ، وجعل الغرض من خلقهما بلاء الإنسان في حسن العمل وقبحه ، أي العلم التابع للمعلوم الذي يترتب عليه الجزاء ، وهو العلم الذي يظهر على المظاهر الإنسانية بعد وقوع المعلوم ، فإنه ليس إلا علم الله الكامن في الغيب الظاهر بظهور المعلوم ، لأن الحياة هي التي يتمكن بها على الأعمال ، والموت هو الداعي إلى حسن العمل الباعث عليه ، وبه يظهر آثار الأعمال ، كما أن الحياة يظهر بها أصولها وبهما تتفاضل النفوس في الدرجات وتتفاوت في الهلاك والنجاة . وقدم الموت على الحياة لأن الموت في عالم الملك ذاتي والحياة عرضية ، وقيل إن أريد به العدم السابق فتقدمه ظاهر لسبقه على الوجود ، أو العدم اللاحق فتقديمه لأن فيه عظة وتذكرة وردعا عن ارتكاب المعاصي .

{ وهو العزيز } أي الغالب الذي يقهر من أساء العمل { الغفور } أي لذنوب من أناب إليه وأحسن العمل .