تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ} (1)

مقدمة السورة:

سورة قريش مكية ، وآياتها أربع ، نزلت بعد سورة التين . لقد كان البيت الحرام مقدسا عند جميع العرب ، وزادت حرمته بعد حادث الفيل . وكانت لقريش حرمة عند العرب ، بسبب جوارها للحرم ، مما ساعد أهلها على أن يسيروا في الأرض آمنين . . حيثما حلوا وجدوا الكرامة والرعاية . وكانت لهم رحلتان : إلى اليمن في الجنوب في الشتاء ، وإلى الشام في الشمال في الصيف . وقد كفلت جيرة البيت الحرام لقريش الأمن والسلامة في هذه التجارة الرابحة ، وجعلت لها ميزة ظاهرة ، وفتحت أمامها أبواب الرزق الواسع . وألفت نفوسهم هاتين الرحلتين الآمنتين الرابحتين . والله سبحانه وتعالى يمتن في هذه السورة على قريش ببيته الحرام الذي دفع عنهم أعداءه ، وأمّنهم الخوف ، وأطعمهم من الجوع .

لإيلافِ : إيلاف مصدرُ آلفه إيلافا . وألِفَ الشيءَ إلفا وإلافاً لزمه واعتاد عليه . قريش : القبيلة التي ينتسب إليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .

من أجل إيلاف قريشٍ الرحلةَ إلى اليَمَنِ في الشتاء ، وإلى الشام في الصيف ، وبكلّ أمانٍ واطمئنان سَمحَ به فضلُ الله عليهم تكريماً لبَيته الحرام ، وكونهم جيرانَه . .

قراءات :

قرأ ابن عامر ( لئلاف قريش ) بدون ياءٍ . والباقون : لإيلاف بالياء بعد الهمزة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة لإيلاف قريش ، وهي مكية .

{ 1 - 4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ }

قال كثير من المفسرين : إن الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها ، أي : فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم ، واستقامة مصالحهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ} (1)

مقدمة السورة:

سورة قريش

مكية ، وآياتها أربع .

{ لإيلاف قريش } قرأ أبو جعفر : " ليلاف " بغير همز( إلافهم ) طلباً للخفة ، وقرأ ابن عامر " لإلاف " بهمزة مختلسة من غير ياء بعدها ، وقرأ الآخرون بهمزة مشبعة وياء بعدها ، واتفقوا -غير أبي جعفر- في { إيلافهم } أنها بياء بعد الهمزة ، إلا عبد الوهاب بن فليج عن ابن كثير فإنه قرأ : " إلفهم " ساكنة اللام بغير الياء .

وعد بعضهم سورة الفيل وهذه السورة واحدة ، منهم أبي بن كعب ، لا فصل بينهما في مصحفه ، وقالوا : اللام في { لإيلاف } تتعلق بالسورة التي قبلها ، وذلك أن الله تعالى ذكر أهل مكة عظيم نعمته عليهم فيما صنع بالحبشة ، وقال : { لإيلاف قريش } . وقال الزجاج : المعنى : جعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش ، أي هلك أصحاب الفيل لتبقى قريش ، وما ألفوا من رحلة الشتاء والصيف . وقال مجاهد : ألفوا ذلك فلا يشق عليهم في الشتاء والصيف . والعامة على أنهما سورتان ، واختلفوا في العلة الجالبة للام في قوله { لإيلاف } . قال الكسائي ، والأخفش : هي لام التعجب ، يقول : اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف ، وتركهم عبادة رب هذا البيت ، ثم أمرهم بعبادته ، كما تقول في الكلام لزيد وإكرامنا إياه على وجه التعجب : اعجبوا لذلك . والعرب إذا جاءت بهذه اللام اكتفوا بها دليلاً على التعجب من إظهار الفعل منه . وقال الزجاج : هي مردودة إلى ما بعدها ، تقريره : فليعبدوا رب هذا البيت لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف . وقال ابن عيينة : لنعمتي على قريش . وقريش هم ولد النضر بن كنانة ، وكل من ولده النضر فهو قرشي ، ومن لم يلده النضر فليس بقرشي .

أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أنبأنا أبو محمد محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي ، أنبأنا عبد الله بن مسلم أبو بكر الجوربردى ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، أنبأنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي ، حدثني شداد أبو عمار ، حدثنا وائلة بن الأسقع ، قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى من كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم " . سموا قريشاً من القرش والتقرش ، وهو التكسب والجمع ، يقال : فلان يقرش لعياله ويقترش ، يعني : يكتسب ، وهم كانوا تجاراً حراصاً على جمع المال والإفضال . وقال أبو ريحانة : سأل معاوية عبد الله بن عباس : لم سميت قريش قريشاً ؟ قال : لدابة تكون في البحر من أعظم دوابه ، يقال لها : القرش ، لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته ، وهي تأكل ولا تؤكل ، وتعلو ولا تعلى ، قال : وهل تعرف العرب ذلك في أشعارها ؟ قال : نعم ، فأنشده شعر الجمحي :

وقريش هي التي تسكن البح*** ر ، بها سميت قريش قريشا

سلطت بالعلو في لجة البح*** ر بنى على سائر البحور جيوشا

تأكل الغث والسمين ولا تت*** رك فيه لذي الجناحين ريشا

هكذا في الكتاب حي قريش*** يأكلون البلاد أكلا كشيشا

ولهم في آخر الزمان نبي*** يكثر القتل فيهم والخموشا

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ} (1)

مقدمة السورة:

سورة قريش

مكية ، وآياتها 4 ، نزلت بعد التين .

{ لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف } قريش هم حي من عرب الحجاز الذين هم من ذرية معد بن عدنان ، إلا أنه لا يقال قريشي إلا لمن كان من ذرية النضر بن كنانة ، وهم ينقسمون إلى أفخاذ وبيوت ، نحو بني هاشم وبني أمية وبني مخزوم وغيرهم . وإنما سميت القبيلة قريشا لتقرشهم ، والتقرش التكسب ، وكانوا تجارا . وعن معاوية أنه سأل ابن عباس : لم سميت قريش قريشا ؟ قال : لدابة في البحر تأكل ولا تؤكل ، وتعلو ولا تعلى ، وكانوا ساكنين بمكة ، وكان لهم رحلتان في كل عام للتجارة : رحلة في الشتاء إلى اليمن ، ورحلة في الصيف إلى الشام . وقيل : كانت الرحلتان جميعا إلى الشام ، وقيل : كانوا يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل ، فيقيمون بها ، ويرحلون في الشتاء إلى مكة لسكناهم بها ، والإيلاف مصدر من قولك : آلفت المكان إذا ألفته ، وقيل : هو منقول منه بالهمزة ، يقال : ألف الرجل الشيء وألفه إياه غيره ، فالمعنى على القول الأول أن قريشا ألفوا رحلة الشتاء والصيف ، وعلى الثاني أن الله ألفهم الرحلتين ، واختلف في تعلق قوله : { لإيلاف قريش } على ثلاثة أقوال :

أحدها : أنه يتعلق بقوله : { فليعبدوا } الله من أجل إيلافهم الرحلتين ، فإن ذلك نعمة من الله عليهم . الثاني : أنه يتعلق بمحذوف تقديره اعجبوا لإيلاف قريش .

الثالث : أنه يتعلق بسورة الفيل ، والمعنى أن الله أهلك أصحاب الفيل لإيلاف قريش ، فهو يتعلق بقوله : { فجعلهم } أو بما قبله من الأفعال ، ويؤيد هذا أن السورتين في مصحف أبي بن كعب سورة واحدة لا فصل بينهما ، وقد قرأهما عمر في ركعة واحدة من المغرب ، وذكر الله الإيلاف أولا مطلقا ، ثم أبدل منه الإيلاف المقيد بالرحلتين تعظيما للأمر ، ونصب رحلة ؛ لأنه مفعول بإيلافهم ، وقال : رحلة ، وأراد رحلتين ، فهو كقول الشاعر :

كلوا في بعض بطنكم تعفوا *** . . .