تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

فإذا بلغن أجلهن : إذا أتممن العدة .

بعد أن أمرَ اللهُ تعالى بأن يكون الطلاق حسب ما أمَرَ به ، وأن يكون طلقة واحدة رجعيّة ، وَمَنَعَ خروج المطلقة من المنزل أو إخراجها إلا إذا أتت بفاحشة ، ونهى عن تعدِّي تلك الحدود حتى لا يحصَلَ الضرر والندم ، خيَّرَ هنا الرجلَ بين أمرين إذا شارفتْ عدةُ امرأته على الانتهاء : إما أن يراجعَها ويعاشرَها بالمعروف والإحسان ، وإما أن يفارقَها مع أداءِ حقوقها التي لها ويُكرمها بقدر

ما يستطيع .

ثم أمر بالإشهادِ على ذلك فقال :

{ وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ الشهادة لِلَّهِ } .

يعني إذا راجع المرء زوجته عليه أن يُشهِد اثنين من العدول ، وإذا فارقَها كذلك . وخاطب الشهودَ بأن يشهدوا على الحق ويؤدوا أمانتهم ، وهي الشهادة ، على وجهها خالصة لله .

{ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر } .

هذا الذي أمرتكم به من أمر الطلاق يتعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فيعمل به ولا يخرج عن طاعة الله .

{ وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجا ً }

ومن ثم يأتي الله تعالى بهذا الكلام اللطيف المطمئن ، يخبر فيه جلّ جلاله أن من يخشى الله ويتقيه ويتقيد بأوامر الشريعة يجعلْ له مخلصا من كل ضيق في الدنيا والآخرة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

وقوله : { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي : إذا قاربن انقضاء العدة ، لأنهن لو خرجن من العدة ، لم يكن الزوج مخيرًا بين الإمساك والفراق . { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي : على وجه المعاشرة [ الحسنة ] ، والصحبة الجميلة ، لا على وجه الضرار ، وإرادة الشر والحبس ، فإن إمساكها على هذا الوجه ، لا يجوز ، { أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي : فراقًا لا محذور فيه ، من غير تشاتم ولا تخاصم ، ولا قهر لها على أخذ شيء من مالها .

{ وَأَشْهِدُوا } على طلاقها ورجعتها { ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } أي : رجلين مسلمين عدلين ، لأن في الإشهاد المذكور ، سدًا لباب المخاصمة ، وكتمان كل منهما ما يلزمه بيانه .

{ وَأَقِيمُوا } أيها الشهداء { الشَّهَادَةَ لِلَّهِ } أي : ائتوا بها على وجهها ، من غير زيادة ولا نقص ، واقصدوا بإقامتها وجه الله وحده{[1137]}  ولا تراعوا بها قريبًا لقرابته ، ولا صاحبًا لمحبته ، { ذَلِكُمْ } الذي ذكرنا لكم من الأحكام والحدود { يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } فإن من يؤمن بالله ، واليوم الآخر ، يوجب له ذلك{[1138]}  أن يتعظ بمواعظ الله ، وأن يقدم لآخرته من الأعمال الصالحة ، ما يتمكن منها ، بخلاف من ترحل الإيمان عن قلبه ، فإنه لا يبالي بما أقدم عليه من الشر ، ولا يعظم مواعظ الله لعدم الموجب لذلك ، ولما كان الطلاق قد يوقع في الضيق والكرب والغم ، أمر تعالى بتقواه ، وأن{[1139]}  من اتقاه في الطلاق وغيره فإن الله يجعل له فرجًا ومخرجًا .

فإذا أراد العبد الطلاق ، ففعله على الوجه الشرعي ، بأن أوقعه طلقة واحدة ، في غير حيض ولا طهر قد وطئ فيه{[1140]}  فإنه لا يضيق عليه الأمر ، بل جعل الله له فرجًا وسعة يتمكن بها من مراجعة النكاح{[1141]}  إذا ندم على الطلاق ، والآية ، وإن كانت في سياق الطلاق والرجعة ، فإن العبرة بعموم اللفظ ، فكل من اتقى الله تعالى ، ولازم مرضاة الله في جميع أحواله ، فإن الله يثيبه في الدنيا والآخرة .

ومن جملة ثوابه أن يجعل له فرجًا ومخرجًا من كل شدة ومشقة ، وكما أن من اتقى الله جعل له فرجًا ومخرجًا ، فمن لم يتق الله ، وقع في الشدائد والآصار والأغلال ، التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها ، واعتبر ذلك بالطلاق ، فإن العبد إذا لم يتق الله فيه ، بل أوقعه على الوجه المحرم ، كالثلاث ونحوها ، فإنه لا بد أن يندم ندامة لا يتمكن من استدراكها{[1142]}  والخروج منها .


[1137]:- في ب: وجه الله تعالى.
[1138]:- في ب: فإن الإيمان بالله، واليوم الآخر يوجب لصاحبه.
[1139]:- في ب: ووعد من.
[1140]:- في ب: ولا طهر أصابها فيه
[1141]:- في ب: يتمكن بها من الرجوع إلى النكاح.
[1142]:- في ب: لا يتمكن من استداركها.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

{ فإذا بلغن أجلهن } قاربن انقضاء العدة { فأمسكوهن } برجعة تراجعونهن بها { بمعروف } وهو أن لا يريد بالرجعة ضرارها { أو فارقوهن بمعروف } أي اتركوهن حتى تنقضي عدتهن فتبين ولا تضاروهن بمراجعتهن { وأشهدوا ذوي عدل منكم } على الرجعة أو الفراق { ومن يتق الله } يعطه فيما يأمره وينهاه { يجعل له مخرجا } من الشدة الى الرخاء ومن الحرام الى الحلال ومن النار الى الجنة يعني من صبر على الضيق واتقى الحرام جعل الله له مخرجا من الضيق