سورة الجن مكية وآياتها ثمان وعشرون ، نزلت بعد سورة الأعراف . لقد سمى الله تعالى سور كتابه الكريم بأسماء تبعث على النظر والاعتبار وتوجب التفكير ، فسمى بالأنعام وببعضها كالبقرة ، وبالحشرات كالنمل والنحل والعنكبوت ، وبما هو ألطف من ذلك كالنور . كما سمى ببعض الأنبياء كيونس ويوسف وهود ومحمد ، وببعض الأخلاق كالتوبة ، وببعض الكواكب كالشمس والنجم والقمر ، وببعض الأوقات كالليل والفجر والضحى ، وببعض المعادن كالحديد ، وببعض الأماكن كالبلد ، وببعض النبات كالتين ، وبكل شيء مما نراه وما لا نراه .
وهنا سمى هذه السورة بعالم لا نراه وهو عالم الجن . وهو عالم لم يُعرف في الإسلام إلا من طريق الوحي ، وليس للعقل دليل عليه . ولقد أصبحت هذه العوالم المستترة عنا الشغل الشاغل اليوم للعلماء والباحثين ، فصار علماء أوروبا يدرسون في مباحث عالم الجن وعالم الأرواح ، ويحاولون أن يطلعوا على غوامض هذه العوالم . ونُقل عن كثير منهم أنهم تحدثوا مع أرواح أصحابهم الذين ماتوا ، وعن اتصال العالم الإنسي بالعالم الجني ، وبعالم الأرواح الطاهرة وهم الملائكة .
فإذا سمى الله هذه السورة بهذا الاسم فمعناه أنه أعطى هذا العالم الخفي عنايته وسمى السورة باسمه ، كما اعتنى بالحديد ، وهو نوع من المعادن . وهكذا توجهت عنايته إلى النور وأنواع الحيوان والنبات والأوقات المختلفة ، وبكل شيء نراه وما لا نراه ، لنجدّ في البحث عن المعادن كلها ، وعن حساب الزمان ، ونُعنى بالعلوم العناية اللائقة المفيدة .
وقد أفاض الأستاذ طنطاوي جوهري رحمه الله في كتابه " الجواهر " في هذا الموضوع وأطال ونقل أشياء كثيرة من محاولات الأوروبيين وبحوثهم في هذا الموضوع وقال إنه ألّف كتابا سماه " كتاب الأرواح " ذكر فيه ما جرّبه القوم في أوروبا ، وكيف أحضروا الأرواح ، وما الشروط وما الواجب على الإنسان في ذلك ، وما فوائد هذا العلم ومضارّه .
ونقل نبذة من خطبة " السير : أوليفر لودج " ، وهو من أشهر علماء الطبيعة في هذا العصر في بلاد الإنجليز ، إذ أكد في مجمع من كبار العلماء أنه حادث الأموات ، وأن هناك عقولا أسمى من عقولنا في عالم الأرواح ، وأنهم يهتمون بنا ، وأن إخوانه من الجمعية الروحية الذين ماتوا كلموه بعد موتهم وبرهنوا له ببراهين قاطعة أنهم هم الذين يكلمونه . وقال : إن ما يقوله الأنبياء عن عالم الأرواح وعن الله حق بلا تأويل . وقال إنه اشتغل بهذا الفن ثلاثين سنة فله الحق أن يحكم بما يقول . ومن أراد الزيادة فليرجع إلى تفسير " الجواهر " للمرحوم الشيخ طنطاوي جوهري .
وقد اشتملت هذه السورة الكريمة على حكاية أقوال الجن وما يتعلق بهم ، وأنهم سمعوا كتابا بديعا ، هو القرآن ، يهدي إلى الصواب فآمنوا به وتركوا الشرك . وأن الله تعالى لم يتخذ زوجة ولا ولدا كما يقول السفهاء منهم على الله شططا . وأنهم ما كانوا يظنون أن أحدا يكذب على الله بنسبة الصاحبة والولد إليه . . وأن رجالا من الإنس كانوا يستعيذون برجال من الجن فزاد الجن الإنس ضلالا باستعاذتهم بهم . . وأن الجن ظنوا مثل بعض الإنس أنه لن يبعث الله أحدا . . وأنهم طلبوا خبر العالم العلوي المعبَّر عنه بالسماء فمُنعوا . . وأن الجن كانوا يقعدون مقاعد خالية ليتمكنوا من السمع ، فمنِعوا الآن برجم الشهُب لهم ، وأنهم لا يدرون : { أشرّ أريدَ بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا } . وأن الجن منهم الأبرار ومنهم الفجار ، وأنهم علموا أنهم لن يفرّوا من أمر الله إن أراد بهم أمرا على هذه الأرض ، وأنهم حين سمعوا الهدى آمنوا به . . { فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا } . وأنهم فريقان : مسلمون ، وجائرون ، فالمسلم قصد طريق الحق وتوخاه ، أما الجائر فإنه يكون { لجهنم حطبا } . وأن الإنس والجن إذا استقاموا على الطريقة المثلى وسّع الله عليهم رزقهم واختبرهم به .
وأن المساجد لله ، فعلى من يدخلها أن يُخلص لله فيها ولا يشرك به أحدا . وأنه لما قام النبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله كاد الجن يكونون جماعات ملتفة حوله من ازدحامهم عليه تعجبا مما رأوا من عباراته وسمعوا من قراءته .
ثم تُختم السورة بتوجيهات علوية إلى الرسول الكريم والمؤمنين ، وأنّ علم الساعة عند الله وحده وهو { عالم الغيب فلا يُظهر على غيه أحدا ، إلا من ارتضى من رسول . . . . } .
وأنه تعالى { أحصى كل شيء عددا } مما خلق ، وعرفه فلا يغيب عنه شيء .
النفر : ما بين الثلاثة والعشرة .
عجبا : عجيبا بديعا لا يشبهه شيء من كلام الناس .
قل يا محمد لأمتك : أوحى اللهُ إليَّ أنه استمعَ إلى تلاوة القرآنِ جماعةٌ من الجنِّ فدُهِشوا من عَظَمتِه وبلاغته فقالوا لقومهم : إنّا سَمِعْنا قرآناً بديعاً لم نسمَعْ مثلَه من قبلُ ، فدُهِشوا من عَظَمته وبلاغته فقالوا لقومهم : إنّا سَمِعْنا قرآناً بديعاً لم نسمَعْ مثلَه من قبلُ .
{ قل أوحي إلي } أي أخبرت بالوحي من الله إلي { أنه استمع نفر من الجن } وذلك أن الله تعالى بعث نفرا من الجن ليستمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي الصبح ببطن نخلة وهؤلاء الذين ذكرهم الله في سورة الأحقاف في قوله { وإذ صرفنا إليك نفرا } الآية فلما رجعوا إلى قومهم قالوا { إنا سمعنا قرآنا عجبا } في فصاحته وبيانه وصدق إخباره
{[1]}سورة الجن وتسمى " قل{[2]} أوحي " {[3]}
مقصودها {[4]}إظهار الشرف{[5]} لهذا النبي الكريم الفاتح الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وذريته وأهل بيته حيث لين له قلوب الإنس والجن وغيرهما{[6]} ، فصار مالكا لقلوب المجانس وغيره ، وذلك لعظمة هذا القرآن ولطف ما له من غريب{[7]} الشأن ، هذا والزمان في آخره وزمان لبثه في قومه دون ربع العشر من زمن{[8]} نوح عليه السلام أول نبي بعثه إلى الله تعالى إلى المخالفين وما{[9]} آمن{[10]} معه من قومه إلا قليل ، وعلى ذلك دلت تسميتها بالجن [ و-{[11]} ] بقل أوحى ، وبتأمل الآية المشتملة على ذلك وما فيها من لطيف المسالك{[12]} ، أعاذنا الله بمنه وكرمه من الوقوع في المهالك{[13]} . ( بسم الله ) أي{[14]} المحيط بالكمال أرسل رسوله [ الخاتم{[15]}- ] بالهدى ليظهره على الدين كله بما له من الجلال والجمال ( الرحمان ) الذي بعموم رحمته عم{[16]} بهذا الإرسال ليعم بالبيان ما يلزم الخلق من المقال والفعال ( الرحيم ) الذي خص من بين أهل الدعوة من شاء بمحاسن الأعمال لما سبق لهم من الفوز في أزل الآزال{[17]} .
لما كان نوح عليه الصلاة والسلام أول رسول أرسله الله تعالى إلى المخالفين من أهل الأرض ، وكان قومه عباد أوثان ، وعصوه أشد العصيان مع أنه كان{[68930]} منهم نسباً ولساناً ، وختمت سورته بدعائه عليهم ، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، فهو آخر رسول بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض وغيرهم من جميع الخلق ، وكان قومه العرب قد وافقوا قوم نوح عليه السلام في أكثر أحوالهم عبادة الأوثان حتى تلك الأوثان إما بأساميها أو بأعيانها على ما ورد في الأخبار ، وفي عصيان رسولهم واستضعاف أتباعه واستهزائهم ابتدئت ، هذه بما كان من سهولة من سمع هذه الدعوة الخاتمة الجامعة من غير الجنس فضلاً عن الموافقين في الجنس مع قصر الزمان وضعف الأعوان لجلالة هذا القرآن ، فقال منبهاً له بالأمر على ما في هذا من عظيم القدر ، مع الإشارة إلى تبكيت العرب على التباطؤ عن الإجابة إلى ما يعرفون من رشده{[68931]} بمعناه ونظمه ، لكونه بلسانهم وكونهم من نوع الداعي وقبيله وأقرب الناس إليه { قل } أي يا محمد لقومك .
ولما كان المقصود تعظيم الموحى به ، وأما الموحي إلى كل من الرسولين فواحد ، بنى للمفعول قوله مبيناً لسيرة الجن في تلقيهم لهذا القرآن بالأخذ إرثاً من أشرف النبيين وإلقائهم له بالإبلاغ إلى غيرهم من وارث العلم منهم ليكون لهم الشرفان : شرف العلم لكمال أنفسهم ، والتعليم لتكميل غيرهم ، فيكون لهم مثل أجر من عمل بما ألقوه إليه وأملوه عليه : { أوحي إليّ } أي أخبرت على وجه الخفاء ممن لا يعلم الغيب غيره في هذا القرآن الذي اقتضى إعجازه أن أكون أكثر الأنبياء تابعاً على لسان جبريل عليه السلام الذي هو أمينه والواسطة بينه وبين أنبيائه ، ثم وضع موضع المفعول الذي لم يسم فاعله قوله : { أنه } أي الشأن العظيم { استمع } أي بغاية{[68932]} الإصغاء والإقبال والتقبل والإلف استماعاً هو الاستماع في الحقيقة لأنه لقراءتي هذا القرآن { نفر } هم في غاية النفرة جبلة وطبعاً { من الجن } الذين هم في غاية الاستتار ، وهم أجسام حية عاقلة خفيفة تغلب عليها النارية أو الهوائية كما {[68933]}تغلب على{[68934]} أجسام الإنس الترابية ، والنفر ما بين الثلاثة والعشرة ، قال البغوي{[68935]} : وكانوا تسعة من جن نصيبين ، وقيل : كانوا سبعة ، وفي هذه العبارة دليل على أنه صلى الله عليه وسلم ما رآهم ولا قرأ عليهم ، وإنما اتفق حضورهم عند قراءته ، وهل هذا الاستماع هو المذكور في الأحقاف أو غيره قال أبو حيان{[68936]} : المشهور أنه هو ، وقيل : هو غيره ، والجن الذين أتوه بمكة جن نصيبين ، والذين أتوه بنخلة جن نينوى ، والسورة التي{[68937]} استمعوها قال عكرمة : العلق ، وقيل : الرحمن ، ولم يذكر هنا ولا في الأحقاف أنه رآهم ، ويظهر من الحديث{[68938]} تعدد الواقعة ، فمنها ما كان في المبدأ ولم يكن معه أحد من الصحابة رضي الله عنهم كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي في الصحيح
" أنهم فقدوه صلى الله عليه وسلم ليلة {[68939]}من الليالي{[68940]} فالتمسوه في الأودية والشعاب ، فلما أصبح إذا{[68941]} جاء من قبل حراء فقال : أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن ، فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم ، ومنها ما كان معه عبد الله رضي الله عنه فذهب معه إلى الحجون عند الشعب فخط عليه خطاً ، وقال : لا تجاوزه ، فانحدر عليه أمثال الحجل يجرون الحجارة بأقدامهم حتى غشوه فلا أراه ، وأومأ إليّ بيده أن اجلس ، فتلا القرآن ، فلم يزل صوته يرتفع واختفوا بالأرض حتى ما أراهم " {[68942]} قال الأصبهاني : وقيل : كانوا من بني الشيصبان{[68943]} وهم أكثر الجن عدداً وهم عامة جنود إبليس ، وقال القشيري : لما {[68944]}رجمت الشياطين{[68945]} بالشهب فرق إبليس جنوده لعلم ذلك فأتى سبعة منهم بطن نخلة فاستمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فآمنوا ثم أتوا قومهم فقالوا : {[68946]}يا قومنا{[68947]} إنا{[68948]} سمعنا قرآناً عجباً ، يعني ولم يرجعوا إلى إبليس لما علموه من كذبه وسفاهته ، وجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين من قومهم فأسلموا ، فذلك{[68949]} قوله تعالى :
{ وإذ صرفنا إليك{[68950]} نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه{[68951]} }[ الأحقاف : 29 ] الآيات { فقالوا } أي فتسبب عن استماعهم أن قال من سمع منهم لمن لم يسمع ، أو لمن كان يواخيهم من الإنس امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم " رحم الله امرأً سمع منا مقالة فوعاها فأداها كما سمعها " وكان قولهم سكوناً إلى هذا ا لقرآن وأنسابه ، مؤكدين لبعد حالهم عن سماع الوحي وعلمهم بما زاد به من الإعجاز : { إنا } بالكسر لأنه مبتدأ محكي {[68952]}بعد القول{[68953]} { سمعنا } حين{[68954]} تعمدنا الإصغاء وألقينا إليه أفهامنا { قرآناً } أي كلاماً هو في غاية الانتظام في نفسه{[68955]} والجمع لجميع ما نحتاج إليه ، ثم وصفوه بالمصدر مبالغة في أمره فقالوا : { عجباً * } أي بديعاً خارجاً{[68956]} عن عادة أمثاله من جميع{[68957]} الكتب الإلهية فضلاً عن كلام الناس في جلالة النظم وإعجاز التركيب والوضع مع الموافقة لها في الدعوة{[68958]} إلى الله تعالى والبيان للمحاسن والمساوىء والدعاء إلى كل فلاح حتى صار نفس العجب ، والعجب ما خرج عن حد أشكاله ونظائره فخفي سببه ، وهذا يدل على قوتهم العلمية في فصاحتهم وكمالهم في علم الرسوم ، وصوغ الكلام على أبلغ جهات النظوم .
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تقدم ذكر حال كفار قريش في تعاميهم عن النظر وجريهم في اللدد والعناد حسبما انطوت عليه سورة ن والقلم ، ثم أتبعت بوعيدهم في الحاقة ثم بتحقيقه وقرب وقوعه في المعارج ثم بتسليته عليه الصلاة والسلام وتأنيسه بقصة نوح عليه الصلاة والسلام مع قومه ، أعقب ذلك بما يتعظ به الموفق ويعلم أن القلوب بيد الله : فقد كانت استجابة معاندي قريش والعرب{[68959]} أقرب في ظاهر الأمر لنبي من جنسهم ومن{[68960]} أنفسهم فقد تقدمت لهم{[68961]} معرفة صدقه وأمانته ، ثم جاءهم بكتاب بلسانهم الذي به يتحاورون ولغتهم التي بها يتكلمون ، فقد بهرت العقول آياته ، ووضحت لكل ذي قلب سليم براهينه ومعجزاته ، وقد علموا أنهم لا يقدرون على معارضته إلى ما شاهدوه من عظيم البراهين ، ومع ذلك عموا وصموا - غضب الله{[68962]} عليهم ولعنهم - وسبق إلى الإيمان من ليس من{[68963]} جنسهم ولا سبقت له مزية تكريمهم ، وهم الجن ممن سبقت لهم من الله{[68964]} الحسنى فآمنوا وصدقوا ، وأمر صلى الله عليه وسلم بالإخبار بذلك ، فأنزل الله تعالى عليه{[68965]} { قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن } [ الجن : 1 ] الآيات إلى قوله إخباراً عن تعريف الجن سائر إخوانهم{[68966]} بما شاهدوه من عناد كفار العرب " وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً " ثم استمرت الآي{[68967]} ملتحمة المعاني معتضدة المباني إلى آخر السورة - انتهى .
هذه السورة مكية وآياتها ثمان وعشرون ، ويحتل فيها الحديث عن خبر الجن شطرا كبيرا . فهم من خلق الله ، ويدل على حقيقتهم تسميتهم بالجن . فهم الخلق المستور ، المحجوبون عن الرؤية . وهم من حيث الإيمان شطران ، مؤمنون وكافرون . فقد سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم مرة وهو يقرأ القرآن فهالهم ما سمعوا وبهروا به أيما انبهار ، ثم انقلبوا إلى قومهم من الجن يقصون عليهم ما سمعوه من الكلام الباهر العجيب ، مما نبينه عند تفسير السورة عن هذه المسألة . إلى غير ذلك من المواعظ والتحذير والعبر .
{ قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا 1 يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا 2 وأنه تعالى جدّ ربنا ما اتّخذ صاحبة ولا ولدا 3 وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا 4 وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا 5 وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا 6 وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا } .
الجن أجسام عاقلة خفية تغلب عليهم النارية فهم مخلوقون من نار . وتدل الآيات هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ما رآهم ولم يقرأ عليهم وإنما اتفق حضورهم في بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبر الله بذلك رسوله وهو قوله : { قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن } والنفر ، جماعة من الثلاثة إلى العشرة وهم من جن نصيبين فقد استمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فانطلقوا إلى قومهم من الجن قائلين لهم { إنا سمعنا قرآنا عجبا } العجب ما يكون خارجا عن العادة . أي سمعنا قرآنا عجيبا بديعا مباينا لكل كلام في روعة نظمه وكمال معانيه ومقاصده .