تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الحجرات مدنية وآياتها ثماني عشرة ، نزلت بعد سورة المجادلة . وهي من آخر ما نزل من القرآن الكريم ، إذ نزلت في السنة التاسعة من الهجرة . وتتضمن هذه السورة الكريمة حقائق كبيرة من حقائق العقيدة والشريعة ، وتشمل مناهج التكوين والتنظيم وقواعد التربية والتهذيب ومبادئ التشريع والتوجيه ، ما يتجاوز حجمها وعدد آياتها بمرات كثيرة ، حتى لقد سمّاها بعضهم " سورة الأخلاق " . وقد سميت " سورة الحجرات " لأن الله تعالى ذكر فيها بيوت النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، وهي الحجرات التي كان يُسكن فيها أزواجه الطاهرات ، وذلك في عام الوفود . وكان بعض الوافدين أعرابا جفاة ، فكانوا ينادون من وراء الحجرات بأصواتهم الجافية : يا محمد ، اخرج إلينا . فكره النبي صلى الله عليه وسلم هذه الغلظة والجفوة ، ونزل القرآن الكريم بتعليم الناس حسن الأدب مع الرسول الكريم . { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون . . } .

والسورة مشتملة على تهذيب وتشريع من شأنها رسم معالم كاملة لعالم رفيع كريم . وذلك لما تحويه السورة من القواعد والأصول والمبادئ التي يقوم عليها هذا العالم ، وما فيها من جهد ضخم رصين ، تمثله توجيهات القرآن الكريم والتربية النبوية الحكيمة ، لإنشاء الجماعة المسلمة وتربيتها لإبداع ذلك العالم الرفيع الكريم .

وقد جاء في السورة الكريمة خمسة نداءات بلفظ { يا أيها الذين آمنوا } وجاء نداء واحد بلفظ { يا أيها الناس } لأن الخطاب كان عاما للمؤمنين والكافرين ، وذلك في الآية العظيمة التي تضع مبدأ أن الشرف والعظمة هو بالتقوى ، لا بالأحساب والأنساب ، في قوله تعالى : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم } .

افتتحت السورة بنهي المؤمنين عن الحكم بأي شيء قبل أن يأمر به الله ورسوله ، وعن رفع أصواتهم فوق صوت النبي الكريم ، وأثنت على الذين يخفضون أصواتهم في حضرته ، وندّدت بمن لا يتأدبون فينادونه من وراء الحجرات بأصواتهم الجافية . ثم أمرت المؤمنين بالتثبت من أخبار الفاسقين وضعاف الإيمان ، وبينت الحكم عندما يتقاتل فريقان من المؤمنين وماذا يفعل الباقون إزاء ذلك . ونهت المؤمنين عن استهزاء بعضهم ببعض ، وتعييب بعضهم بعضا ، وعن ظن السوء بأهل الخير ، وعن تتبع بعضهم بعضا ، ونهت الأعراب عن ادّعاء الإيمان قبل أن يستقر في قلوبهم . ثم بينت من هم المؤمنون الصادقون ، وختمت الحديث بالنهي عن المن على رسول الله بالإسلام ، فالمنة لله عليهم بهدايتهم إلى الإيمان ، إن كانوا صادقين { إن الله يعلم غيب السموات والأرض ، والله بصير بما تعملون } .

لا تقَدموا بين يدي الله ورسوله : لا تعجلوا بالأمر قبل أن يأمر به الله ورسوله . يا أيها الذين آمنوا لا تعجَلوا بأي أمر قبل أن يقضيَ الله ورسوله لكم فيه ، فلا تقترحوا على الله ورسوله أي شيء قبل أن يقول الله ورسوله فيه ، واتقوا الله وراقِبوه خَشيةَ أن تقولوا ما لم يأذن لكم الله ورسوله به . إن الله سميع لما تقولون ، عليم بما تريدون .

في هذه الآية الكريمة وما يليها تأديبٌ للصحابة وتعليم وتهذيب ، فقد طلَب الله إليهم أن ينقادوا لأوامر الله ونواهيه ، ولا يعجَلوا بقولٍ أو فعل قبل الرسول الكريم .

قراءات :

قرأ يعقوب : لا تقدموا بفتح التاء والدال ، والباقون : لا تُقْدموا بضم التاء وكسر الدال المشدَّدة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية وهي ثماني عشر آية بلا خلاف

{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } أي لا تقدموا خلاف الكتاب والسنة وقيل لا تذبحوا قبل أن يذبح النبى عليه السلام في الأضحى وقيل لا تصوموا قبل صومه نزلت في النهي عن صوم يوم الشك والمعنى لا تسبقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء حتى يكون هو الذي يأمركم به { واتقوا الله } في مخالفة أمره { إن الله سميع } لأقوالكم { عليم } بأحوالكم

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (1)

{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم }

{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا } من قدم بمعنى تقدم ، أي لا تَقَدَّمُوا بقول ولا فعل { بين يدي الله ورسوله } المبلغ عنه ، أي بغير إذنهما { واتقوا الله إن الله سميع } لقولكم { عليم } بفعلكم ، نزلت في مجادلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما عند النبي صلى الله عليه وسلم في تأمير الأقرع بن حابس أو القعقاع بن معبد