فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الحجرات

مدنية

وآياتها ثماني عشرة

كلماتها 340 ، حروفها 1476 .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } .

يا أهل التصديق والإيمان لا تسبقوا أمر الله تعالى وأمر رسوله ، ولا تأتوا شيئا دون اتباع الكتاب والسنة ، ولا تعجلوا قبل أن يقضي لكم ربكم ويعلمكم نبيكم .

[ وقدّم ] إما متعد وحذف المفعول للعموم حتى يتناول كل فعل وقول ؛ أو تُرِك مفعوله –أقول : ومنه قول الله تبارك اسمه : { يحيي ويميت{[5154]} . . }- كما في قوله : فلان يعطي ويمنع ، لأن النظر إلى الفعل لا إلى المفعول ، كأنه قيل : يجب أن لا يصدر منكم تقدم أصلا في أي فعل كان{[5155]} .

مما روى البخاري في سبب نزول الآية عن عبد الله بن الزبير قال : قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه : أمّر القعقاع بن معبد ؛ وقال عمر رضي الله تعالى عنه : بل أمِّر الأقرع بن حابس ، فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه : ما أردت إلا خلافي ؛ فقال عمر رضي الله عنه : ما أردتُ خلافك ، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فأنزل الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله . . . }حتى انقضت الآية .

[ وقال بعضهم : إن الآية عامة في كل قول وفعل ، ويدخل فيها أنه إذا جرت مسألة في مجلس رسول الله تعالى صلى الله عليه وسلم لم يسبقوه في الجواب ، وأن لا يُمْشَى بين يديه إلا للحاجة ، وأن لا يُسْتأنَى في الافتتاح بالطعام ؛ ورجح بأنه الموافق للسياق ، ولما عُرِف في الأصول من أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ]{[5156]} .

[ لا تقدموا قولا ولا فعلا بين يدي الله وقول رسوله وفعله ، فيما سبيله أن تأخذوه عنه من أمر الدين والدنيا ، ومن قدّم قوله أو فعله على الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قدمه على الله تعالى ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يأمر عن أمر الله عز وجل ]{[5157]} .

{ واتقوا الله إن الله سميع عليم( 1 ) } .

واحذروا غضب الله على من خالف نهيه- ومنه النهي عن التقدم بين يدي رسوله . إن الله سميع لكل قول ، عليم بكل نية وفعل .


[5154]:مقتبس مما نقله النيسابوري، بتصرف.
[5155]:مما أورده صاحب روح المعاني.
[5156]:?????
[5157]:أورده صاحب الجامع لأحكام القرآن.