هذه السورة مدنية وعدد آياتها ثماني عشرة ، وهي - على قلة آياتها- جاءت زاخرة بمختلف المعاني في السلوك والآداب والأحكام والمواعظ ، وقد جاءت السورة مبدوءة بوجوب التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومخاطبته في غاية التوقير والتعظيم .
وقد تضمنت السورة تنديدا بأولي الطبائع الغليظة من قساة الأعراب وأجلافهم الذين لم يوقروا النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ كانوا ينادونه من وراء بيوته بأصوات مستهجنة لا أدب فيها ولا تواضع .
وفي السورة يأمر الله عباده المؤمنين أن يتثبتوا لدى سماعهم أخبارا يحملها فاسقون ، فلا يبادروا التصديق واليقين لما سمعوه لاحتمال الكذب أو الخطأ ، ومن شأن ذلك أن يورث الزلل والندامة .
ويأمر الله عباده المؤمنين أن يصلحوا بين إخوانهم المقتتلين بالعدل ، والمؤمنون في ميزان الإسلام أخوة على الدوام .
وفي السورة نهي عن جملة رذائل قد ندد بها الإسلام تنديدا ، وهي السخرية من الناس ، والتنابز بالألقاب ، وكذلك الكثير من الظن ثم التجسس والغيبة ، وهذه رذائل وصفات ذميمة تذهب بالحسنات وتورث السيئات والمباغضات وفساد ذات البين .
وفي السورة إعلان من الله ظاهر يرسخ فيه المساواة بين الناس وأنه ليس من تفاضل بينهم لسبب من الأسباب التي يعتبرها البشر ، وإنما التفاضل في ميزان الله ، بالتقوى دون غيره . إلى غير ذلك من الأحكام والمعاني .
{ ياأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم 1 يأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون 2 إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم } .
هذه جملة آداب ، خليق بالمؤمنين أن يتأدبوا بها لدى تعاملهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في فعل أو خطاب ، فيكون ذلك في غاية التكريم له والتوقير والتعظيم وهو قوله سبحانه : { ياأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } أي لا تفتاتوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء أو أمر من الأمور حتى يحكم الله على لسانه صلى الله عليه وسلم أو لا تبادروا القول أو الفعل قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كونوا تبعا له في كل ذلك .
قوله : { واتقوا الله إن الله سميع عليم } أي اخشوا ربكم وافعلوا ما أمركم به واجتنبوا ما نهاكم عنه ، فإنه يسمع ما تقولون وتعلنون ويعلم ما تخفون وتكتمون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.