الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية وآياتها 18 .

قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَي الله وَرَسُولِهِ } الآية : قال ابن زيد : معنى : { لاَ تُقَدِّمُواْ } لا تمشوا ، وقرأ ابن عباس ، والضَّحَّاكُ ، ويعقوب : بفتح التاءِ والدال ، على معنى : لا تَتَقَدَّمُوا ، وعلى هذا يجيء تأويل ابن زيد ، والمعنى على ضم التاء : بين يدي قولِ اللَّه ورسوله ، ورُوِيَ أَنَّ سَبَبَ هذه الآية أَنَّ وفد بني تميم لما قَدِمَ ، قال أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضي اللَّه عَنْهُ - : يا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ أَمَرْتَ الْقَعْقَاعَ بنَ مَعْبَدٍ ؟ وَقَالَ عُمَرُ : لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : مَا أَرَدْتَ إلا خِلافي ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ ، وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا ، فَنَزَلَتِ الآيةُ ، وذهب بعض قَائِلِي هذه المَقَالَةِ إلى أَنَّ قوله : { لاَ تُقَدِّمُواْ } : أي : وُلاَةً ، فهو من تقديم الأمراء ، وعموم اللفظ أحسن ، أي : اجعلوه مبدأ في الأَقوال والأَفعال ، وعبارة البخاريِّ : وقال مجاهد : لا تقدموا : لا تَفْتَاتُوا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى يقضيَ اللَّه عز وجل على لسانه ، انتهى .