تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الهمزة مكية ، وآياتها تسع ، نزلت بعد سورة القيامة . وتتحدث هذه السورة عن الذين يَعيبون الناس ، ويَطعنون في أعراضهم ، ويستهينون بأقدارهم وكرامتهم بالقول والإشارة والتقليد والسخرية .

ثم تتحدث السورة عن الذين يشتغلون بجمع المال ، ويظنون أن المال هو كل شيء في هذه الحياة ، والحيازة التي تهون أمامها جميع القيم ، وهم لفرط جهلهم يحسبون أن المال سيخلّدهم في الدنيا ! ثم بينت السورة أن عاقبة هؤلاء المغرورين الأشقياء هي النار ، تُطبق عليهم { في عمد ممدّدة } خالدين فيها أبدا .

الويل : العذاب ، وحلول الشر ، لفظٌ يستعمل في الذم .

الهُمَزة : الذي يغتاب الناس ويطعن في أعراضهم .

اللُّمزة : الذي يَعيب الناس ، وينال منهم بالإشارة والحركات .

الهلاك والعذابُ لمن اعتاد أن يَعيب الناس بالكلام أو بالإشارة ، ويحاولَ أن يَسْخَر منهم ويحطَّ من أقدارهم . فهذه الآية الكريمة ترسم صورةً لئيمةً حقيرة من صوَرِ النفوس البشرية حين تخلو من المروءة ، وتَعْرَى من الإيمان .

ولذلك نهى الإسلامُ عن الهَمْزِ والغمز واللمز والعيب في مواضعَ شتى ؛ لأن من قواعدِ الإسلام تهذيبَ الأخلاق ورفْعَ المستوى الخلُقي في المجتمع الإسلامي .

وقد رُوي أن عدداً من زعماء قريش كانوا يَلْمِزون النبيَّ الكريم وأصحابه ، منهم الأخنسُ بنُ شريق ، والوليدُ بن المغيرة ، وأميّةُ بن خلف وغيرهُم ، فنزلت هذه السورة الكريمة لتؤدّبهم وتهذِّبَ الأخلاق .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

مقدمة السورة:

{ ويل لكل همزة لمزة } يعني الإنسان الذي يغتاب الناس ويعيبهم ، نزلت في أميه بن خلف ، وقيل : في الوليد بن المغيرة ، كان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الهمزة

مكية ، وآياتها 9 ، نزلت بعد القيامة .

{ ويل لكل همزة لمزة } هو على الجملة الذي يعيب الناس ويأكل أعراضهم ، واشتقاقه من الهمز واللمز ، وصيغة فعلة للمبالغة . واختلف في الفرق بين الكلمتين : فقيل : الهمز في الحضور ، واللمز في الغيبة ، وقيل : بالعكس ، وقيل : الهمز باليد والعين ، واللمز باللسان ، وقيل : هما سواء . ونزلت السورة في الأخنس بن شريق ؛ لأنه كان كثير الوقيعة في الناس ، وقيل : في أمية بن خلف وقيل : في الوليد بن المغيرة ، ولفظها مع ذلك على العموم في كل من اتصف بهذه الصفات .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

لما بين الناجين من قسمي الإنسان في العصر ، وختم بالصبر ، حصل تمام التشوف إلى أوصاف الهالكين ، فقال مبيناً لأضلهم وأشقاهم الذي الصبر على أذاه في غاية الشدة ليكون ما أعد له من العذاب مسلاة للصابر : { ويل } أي هلاك عظيم جداً { لكل همزة } أي الذي صار له الهمز عادة ؛ لأنه خلق ثابت في جبلته ، وكذا { لمزة * } والهمز : الكسر كالهزم ، واللمز : الطعن ، هذا أصلهما ، ثم خصا بالكسر من أعراض الناس والطعن فيهم ، وقال ابن هشام في تهذيب السيرة : الهمزة الذي يشتم الرجل علانية ، ويكسر عينيه عليه ويهمز به ، واللمزة الذي يعيب الناس سراً . انتهى . وقال البغوي : وأصل الهمز الكسر والعض على الشيء بالعنف ، والذي دل على الاعتياد صيغة فعل بضم وفتح ، كما يقال : ضحكة للذي يفعل الضحك كثيراً حتى صار عادة له وضرى به ، والفعلة بالسكون للمفعول ، وهو الذي يهمزه الناس ويلمزونه ، وقرىء بها ، وكأنه إشارة إلى من يتعمد أن يأتي بما يهمز به ويلمز به ، فيصير مسخرة يضحك منه ، والله أعلم .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما قال سبحانه وتعالى { إن الإنسان لفي خسر } أتبعه بمثال من ذكر نقصه وقصوره واغتراره ، وظنه الكمال لنفسه حتى يعيب غيره ، واعتماده على ما جمعه من المال ظناً أنه يخلده وينجيه ، وهذا كله هو عين النقص ، الذي هو شأن الإنسان ، وهو المذكور في السورة قبل ، فقال تعالى { ويل لكل همزة لمزة } فافتتحت السورة بذكر ما أعد له من العذاب جزاء له على همزه ولمزه الذي أتم حسده ، والهمزة العياب الطعان ، واللمزة مثله ، ثم ذكر تعالى ماله ومستقره بقوله : { لينبذن في الحطمة } أي ليطرحن في النار جزاء له على اغتراره وطعنه . انتهى .