قوله : { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَة } ، «الوَيْل » لفظ الذم والسّخط ، وهي كلمة كل مكروب ، وقد تقدم الكلام في الويل ، ومعناه : الخزي ، والعذاب ، والهلكة .
{ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ } ، أي : كثير الهمز ، وكذلك «اللُّمَزَة » ، أي : الكثير اللَّمْز . وتقدم معنى الهمز في سورة «ن » ، واللمز في سورة «براءة » .
والعامة : على فتح ميمها ، على أن المراد الشخص الذي كثر منه ذلك الفعل .
5302- تُدْلِي بِوُدِّي إذَا لاقَيْتَنِي كَذِباً *** وإنْ أغَيَّبْ فأنْتَ الهَامِزُ اللُّمَزَه{[60816]}
وقرأ أبو جعفر{[60817]} والأعرج : بالسكون ، وهو الذي يهمز ويلمز ، أي يأتي بما يلمز به ، واللمزة كالضحكة [ لمن يكثر ضحكه ، والضحكة : بما يأتي لمن يضحك منه وهو مطرد ، يعني أن «فُعَلَة » بفتح العين ، لمن يكثر من الفعل ، وبسكونها لمن الفعل بسببه ] .
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وهم المشَّاءون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبُرآء العيب{[60818]} ، فعلى هذا هما بمعنى ، وقال صلى الله عليه وسلم : «شِرارُ عبادِ اللهِ تَعالَى : المشَّاءُونَ بالنَّمِيمَةِ المفسِدُونَ بَيْنَ الأحبَّةِ ، الباغُونَ للبُرَآءِ العَيْبَ »{[60819]} .
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أن الهمزة : القتَّات ، واللُّمزة : المغتاب ، والقتَّاتُ : هو النمام{[60820]} ، يقال : قتّ الحديث يقتّه : إذا زوره وهيّأه وسواه .
[ وقيل : النَّمامُ الذي يكون مع القوم يتحدثون لينمّ عليهم ، والقتَّات الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون ، ثم ينم ، والقتات الذي يسأل عن الأخبار ، ثم ينميها ، نقله ابن الأثير .
وقال أبو العالية ، والحسن ، ومجاهد ، وعطاء بن أبي رباح : الهمزة : الذي يغتاب ويطعن في وجه الرجل ، واللُّمزة : الذي يعيب به من خلفه ، وهذا اختيار النحاس .
قال : ومنه قوله تعالى : { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات } [ التوبة : 58 ] .
وقال مقاتل هنا هذا القول : إن الهمزة : الذي يغتاب بالغيبة ، واللمزة الذي يغتاب في الوجه .
وقال قتادة ، ومجاهد : الهمزة : الطَّعَّان في أنسابهم ، وقال ابن زيد : الهامز : الذي يهمز الناس بيده ويضربهم ، واللامز : الذي يلمزهم بلسانه ويلمز بعينه ] .
وقال ابن كيسان : الهمزة : الذي يؤدي جلساءه بسوء اللفظ ، واللُّمزة : الذي يكسر عينه على جليسه ، ويشير بعينه ، ورأسه ، وبحاجبيه .
وقرأ عبد الله بن مسعود ، وأبو وائل ، والنخعي ، والأعمش{[60821]} : «ويلٌ للهمزة اللمزة » .
وأصل الهمز : الكسر ، والعض على الشيء بعنف ، ومنه همز الحرف ، ويقال : همزت رأسه ، وهمزت الجوز بكفي : كسرته .
وقيل : أصل الهمزِ ، واللمز : الدفع والضرب ، لمزه يلمزه لمزاً ، إذا ضربه ، ودفعه ، وكذلك همزه : أي : دفعه ، وضربه ؛ قال الراجز : [ الرجز ]
5303- ومَنْ هَمَزْنَا عِزَّهُ تَبَركَعَا *** عَلى اسْتِهِ زَوْبعَةً أوْ زَوْبَعَا{[60822]}
البركعة : القيام على أربع ، وبركعه فتبركع ، صرعه ، فوقع على استه ، قاله في «الصحاح »{[60823]} .
قال ابن الخطيب{[60824]} : فإن قيل : لم قال : «ويلٌ » منكراً ، وفي موضع آخر : «ولَكُمُ الويْلُ » معرفاً ؟
فالجواب : لأن ثمة قالوا : { يا ويلنآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [ الأنبياء : 14 ] ، فقال : «ولكُمُ الويْلُ » وهاهنا نكر ، حتى لا يعلم كنهه إلا الله تعالى .
قيل : في «ويْلٌ » إنها كلمة تقبيح ، و«ويس » استصغار ، «ويح » ترحم ، فنبه بهذا على قبيح هذا الفعل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.