غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة الهمزة مكية ، حروفها مائة وثلاثة وثلاثون ، كلمها تسع وأربعون ، آياتها تسع ) .

1

التفسير : لما ذكر حكم جنس الإنسان في خسرهم عقبه بمثال واحد . قال عطاء والكلبي : نزلت في الأخنس بن شريق كان يكسر من أعراض الناس ، ويكثر الطعن فيهم . والتركيب يدل على الكسر ، ومنه الهمز ، ومثله اللمز ، وهو العيب قال تعالى { ولا تلمزوا أنفسكم } [ الحجرات :11 ] . وقال ابن زيد : الهمز باليد ، واللمز باللسان . وقال أبو العالية : الهمز بالمواجهة ، واللمز بظهر الغيب ، وقد يكون كل ذلك سراً بالحاجب أو العين . وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة ، كانت عادته الغيبة والوقيعة . وبناء " فُعَلة " يدل على أن ذلك كان من عادته ، وأما " فُعْلة " بسكون العين فهي للمفعول . وقال محمد بن إسحاق : ما زلنا نسمع أن السورة نزلت في أمية بن خلف . والمحققون على أن خصوص السبب لا ينافي عموم اللفظ ، ويحتمل أن يكون اللفظ عاماً ، ويدخل فيه شخص معين دخولاً أولياً ، كما لو قال لك إنسان : لا أزورك أبداً ، فتقول : كل من لا يزورني لا أزوره ، تعريضاً به ، ومثله يسمى في أصول الفقه تخصيص العام بقرينة العرف . ولا يخفى أن الهمز واللمز من أقبح السير خاصة في حق من هو أجل منصباً وأعلى قدراً من كل المخلوقات وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا جرم أوعده بالويل ، وهو كلمة جامعة لكل شر ومكروه ، أو هو واد في جهنم ، وقد تقدم مراراً .

/خ9