المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية بلا خلاف .

{ ويل } لفظ يجمع الشر والحزن ، وقيل : { ويل } : واد في جهنم ، و «الهمزة » الذي يهمز الناس بلسانه ، أي يعيبهم ، ويغتابهم ، وقال ابن عباس : هو المشاء بالنميم{[11980]} .

قال القاضي أبو محمد : ليس به ، لكنهما صفتان تتلازم ، قال الله تعالى : { هماز مشاء بنميم }{[11981]} [ القلم : 11 ] ، وقال مجاهد : «الهمزة » الذي يأكل لحوم الناس ، وقيل لأعرابي : أتهمز إسرائيل ، فقال : إني إذاً لرجل سوء ، حسب أنه يقال له : أتقع في سبه ، و «اللمزة » قريب من المعنى في الهمزة ، قال الله تعالى : { ولا تلمزوا أنفسكم }{[11982]} [ الحجرات : 11 ] ، وقرأ ابن مسعود والأعمش والحسن : «ويل للهمزة اللمزة » ، وهذا البناء الذي هو فعلة يقتضي المبالغة في معناه ، قال أبو العالية والحسن : الهمز بالحضور واللمز بالمغيب ، وقال مقاتل ضد هذا ، وقال مرة : هما سواء ، وقال ابن أبي نجيح : الهمز باليد والعين ، واللمز باللسان ، وقال تعالى : { ومنهم من يلمزك في الصدقات }{[11983]} [ التوبة : 58 ] وقيل : نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق ، وقيل : في جميل بن عامر الجمحي ، ثم هي تتناول كل من اتصف بهذه الصفات .


[11980]:النميم: مصدر "نم" يقال: نم نميمة ونميما، وقيل: بل هي جمع "نميمة".
[11981]:الآية 11 من سورة القلم.
[11982]:من الآية 11 من سورة الحجرات.
[11983]:من الآية 58 من سورة التوبة.